منها، عن رفاعة (1)، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: قلت له: رجل ساق الهدي، ثم أحصر قال:
يبعث بهديه.
ويظهر لك من مجموع هذه النصوص - مع ما في بعضها الاطلاق وفي بعض آخر خصوص القارن - لزوم بعث الهدي للمحصور إلى مكة أو منى - ومما حققناه يظهر لك بالتأمل أيضا معارضة هذه الروايات مع ما في ذيل رواية ابن عمار (2).
نعم إن قلنا بمقالة المشهور ومنهم صاحب الجواهر رحمه الله كما هو الحق والتحقيق، فيمكن حمل ذيل صحيحة ابن عمار (3) السابق على الضرورة فإذن للمحصور البعث إلى مكة أو منى إلا في حال الضرورة فيذبح في مكان الحصر، فلا يصح القول لرفع التغاير والتنافي بالفرق بين السائق هديه وعدمه فالأول يبعث، والثاني عدم لزوم البعث فيذبح في مكان الحصر، ولا يصح القول أيضا لرفع التعارض والتنافي بالفرق بين حجة الاسلام وحج المندوب، ففي الأول لزوم البعث بخلاف الثاني فيذبح في مكان الحصر.
كما يظهر لك من رواية المفيد في المقنعة (4) قال: قال عليه السلام المحصور بالمرض، إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله، ثم يحل ولا يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل، هذا إذا كان حجة الاسلام، فأما حجة التطوع فإنه ينحر هديه وقد أحل مما كان أحرم منه فإن شاء حج من قابل، وإن شاء لا يجب عليه الحج، والمصدود بالعدو ينحر هديه الذي ساقه بمكانه، ويقصر من شعر رأسه ويحل وليس عليه اجتناب النساء سواء كانت حجته فريضة أو سنة إن قلنا إن منتهى قوله عليه السلام فيها إلى هذا والباقي من المفيد.
ولا يصح أيضا لرفع التعارض والتنافي القول بالتخيير بين البعث وعدمه مطلقا كما اختاره ابن الجنيد وذهب إليه صاحب الحدائق والمستند وصاحب المدارك حيث إن المدارك بعد نقل قوله عليه السلام (فإن كان في حج فمحل الهدي يوم النحر).
قال: والمسألة لا تكون إجماعيا حتى يجب للمحصور البعث، فإذا كان كذلك له الارسال وله الذبح في مكان الحصر، ومن أجل ذلك يقول: إن البعث كان قبل إحصاره.
وعن الأستاذ دام عزه: وفيه أولا (إن كان مراده إن البعث كان قبل إحصاره) بمعنى بعث هديا بعد ما كان مريضا ولم يكن محرما بعيد جدا كما أن تقديم البعث استحبابا قبل إحصاره مشكل جدا. واحتمال (أخرج) مكان (أحرم) مردود كما يرده ما عن المجلسي في مرآة العقول: من أن كلمة (أخرج) تصحيف لا أصل لها بل الصحيح هو (أحرم) ومن الأدلة التي