منها عن الحلبي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله، قال:
يرسل فيطاف عنه، وإن مات قبل أن يطاف عنه طاف عنه وليه، قال: وسمعته يقول: من اعتمر من التنعيم قطع التلبية حين ينظر إلى المسجد.
وملخص القول في الجمع بين النصوص هو أن الناسي وإن كان قادرا على إتيان طواف النساء بنفسه والمباشرة في ذلك ولكن مضافا على هذا، له الاستنابة والارسال، ومع ذلك لا يمكن التعدي عن هذا الحكم إلى العامد والجاهل وأمثالهما كالمحصور، على الخصوص بعد أن كان الواجب تعبديا.
وعن صاحب المستمسك رحمه الله في دليل الناسك كلام حيث قال: وأما العامد والجاهل فيتعين الرجوع فيهما إلى القواعد التي تقتضي وجوب المباشرة كما قيل، أو جواز الاستنابة كما هو التحقيق إلى أن يقوم الاجماع على خلاف ذلك.
وما اختاره رحمه الله ضعيف جدا بعد أن قلنا إن الطواف يكون واجبا تعبديا كالصلاة مثلا مع أن الاجماع على خلافه، وقد ظهر لك مما قدمناه: أن التفصيل بين الحج الواجب والمندوب والحكم بإتيان طواف النساء بنفسه في الأول وجواز الاستنابة أو الاتيان بنفسه في الثاني مشكل.
وإلى ما قلناه يرجع ما في المدارك فإنه بعد أن ذكر عن الفاضل في المنتهى أنه أسند الاكتفاء بالاستنابة فيها إلى علمائنا مؤذنا بالاجماع عليه ولم يستدل عليه بشئ، واستدل عليه جمع من المتأخرين بأن الحج المندوب لا يجب العود لاستدراكه ، والبقاء على تحريم النساء ضرر عظيم، فاكتفى في الحل بالاستنابة في طواف النساء - قال: وهو مشكل جدا لاطلاق قوله عليه السلام (2): لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة.
وتبعه المحدث البحراني حيث قال: وما اختاره القوم من التفصيل بين الحج الواجب والمندوب فلا يمكن استظهاره من النصوص فإذن إما أن نأخذ بالاطلاق ونحكم بالتسوية بينهما ومعنى ذلك عدم حلية النساء عليه إلا أن يأتي الطواف بنفسه واجبا كان الحج أو مندوبا، وإما أن نختار سقوط طواف النساء فيه بعد أن حملنا ما في النص هنا على الواجب فبناء على ذلك في الحج المندوب يذبح حيث أحصر، ولا يكون عليه أن يطوف، أو يطاف عنه طواف النساء وهو الأقوى، للأصل ، ومرسل المفيد.
وقال حفظه الله: إذا كان الشك في التكليف - بعد الاحلال نشك في بقاء وجوب طواف النساء وعدمه عليه - فما اختاره المحدث البحراني وهو تمسكه بالأصل الذي هي البراءة حق إن لم نقل بشمول الاطلاق لكلا قسمي الحج وكذا الأخبار إلا أن المفيد قد تعرض لحكم حج التطوع، فإذن مقتضى القاعدة عند الشك في التكليف البراءة كما اختاره المحدث البحراني، إلا من ناحية حلية النساء لابقاء حرمتهن عليه إذ لا يمكن الاتكال على البراءة حينئذ، لأن الاستصحاب حاكم عليها، ولذلك يستصحب بقاء حرمتهن عليه كما كانت قبل الاحلال، نعم إن قلنا بالاجماع فالتفصيل