وملخص الكلام إن قلنا بحرمة المقاتلة مع المسلم والكافر، فالممنوع وإن وجد له طريق غصبي لا مانع له من إدامة الطريق إلا من هذه الجهة فله إدامة السير، إلا أن الممنوع يصدق عليه أنه المصدود قبل رفع المانع، وأما إن لم نقل بحرمة المقاتلة معهم، بل قلنا بالجواز، فيمكن البحث من أنه هل يصدق عليه الصد وعدمه، فتارة دفع العدو لا يكون فيه معونة أصلا بل بصرف الحركة والتهيؤ يندفع، فإذن دفعه واجب، وأخرى لا يمكن دفعه بأدنى الحركة والتصميم، بل للمصدود لزوم الاحلال وإيقاع نفسه في المعركة، فما ذهب إلى الجواز يرى أولوية المحاربة معهم من باب مقدمة الواجب واجب.
ومن لم يذهب إلى الجواز يرى الاحلال وترك المقاتلة، ولقد أجاد صاحب الجواهر وتذكر ما لم يتذكر المصنف حيث قال: ولو بدأ العدو بالقتال فإن اضطر إلى الدفاع وجب، وكان جهادا واجبا من غير حاجة إلى إذن الإمام عليه السلام.
وعن الأستاذ أدام الله ظله: إن لم يقدر على المصالحة والمواساة ولا على الفرار فالقتال واجب، ولا يكون في ذلك فرق بين الظن بالسلامة وعدمها.
قال المحقق صاحب الشرايع: ولو طلب مالا لم يجب بذله وعن المسالك: إن لم يكونوا موثوقين بل وإن بذلوه منعوا بعد أن أخذوه لم يجب عليه إتمام الحج وله التحلل.
وعن الأستاذ أدام الله ظله: فتارة لم يكن متمكنا من بذل المال فإذن يصدق عليه أنه المصدود، ولذلك له التحلل، وله الصبر حتى يحل بعمرة، وأخرى له التمكن من أداء المال ورفع المانع.
وعن صاحب الشرايع عدم وجوب بذل المال له ولو قيل بوجوبه إذا كان غير مجحف كان حسنا ولذلك لا يجوز له التحلل، بل يجب عليه أداء المال وإتمام الحج.
وعن الأستاذ أدام الله ظله: وفي كلام الماتن نظر، إذ قد سمعت منه ما ذكره سابقا من وجوب التحمل مع التمكن، وإن سده العدو قبل التلبس بالحج، ولم يقيد بأن لا يكون ما طلب مجحفا، بخلاف ما في هنا حيث قال: عليه وجوب الأداء إذا كان غير مجحف، ومن هنا قال في المسالك والمدارك: كان حقه التسوية بين المقامين أو عكس الحكم وهو قبل التلبس يجب عليه إن كان غير مجحف، وبعده يجب مع التمكن ولو كان مجحفا.
وعن صاحب الجواهر: وإن كان فيه أن الظاهر إرادته عدم الاجحاف من التمكن في السابق، ضرورة كون المناسب لسقوط باب المقدمة بقاعدة نفي العسر والحرج، وغيرها.
وعن الأستاذ حفظه الله: أي القولين من الماتن أوفق بالقواعد؟ ولقد أفاد في ضمن البحث حفظه الله وقال: وما اختاره المصنف أوفق، حيث قال: قبل التلبس لم يصدق عليه قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت (1)، ما دام لم يقدر على تحصيل ما يحتاج إليه في السفر من الزاد والراحلة، ولذلك قيد الماتن رحمة الله عليه بذله إن لم يكن مجحفا، وأما إذا تلبس وطلب مالا فيجب له بذله لأن إيجاب إتمام التكليف وهو قوله تعالى: وأتموا الحج (2) يقتضي ذلك، نعم