نعم إن لم يمكن إثبات التحلل بالهدي فليتحلل بعمرة ولا دم عليه كما قاله صاحب الشرايع وتبعه صاحب الجواهر.
قال المحقق صاحب الشرايع: ولا دم وعليه القضاء أي تدارك الحج إن كان واجبا وإلا فإن كان ندبا بالأصل فلا يجب عليه القضاء وإن كان قد وجب بالشرع.
وعن الأستاذ حفظه الله: ولو بقي على هذا الحال، فتارة يذهب إلى مكة ويتحلل بعمرة، وأخرى يرجع إلى بيته ولا يقدر على التحلل بعمرة فعليه الهدي فالتحلل وإلى ما قلناه يرجع: ما في الدروس: لو صار إلى بلده ولم يتحلل وتعذر العود في عامه لخوف الطريق فهو مصدود، فله التحلل بالذبح في بلده والتقصير وتبعه عليه في المدارك.
واستشكل عليه صاحب الجواهر: ولكنه لا يخلو من نظر، ضرورة عدم صدق اسم الصد على مثله عرفا.
وعن الأستاذ دام بقاؤه: وفيه لا يبعد القول بشمول أخبار الصد حتى في مورد البحث أيضا: نعم لو صار إلى بلده وتعذر العود لخوف الطريق يصدق عليه انتفاء السرب عنه وهو ممن لا يستطيع، وأما إن لم يتحلل فهو يصدق اسم المصدود عليه، فما ذهب إليه العلمين حق خصوصا إن قلنا إن وقت العمرة تكون طيلة العمر فإذن هو مما لا شك ولا ريب في صدق اسم المصدود عليه.
قال المحقق صاحب الشرايع: الفرع الثالث إذا غلب على ظنه انكشاف العدو قبل الفوات جاز له التحلل بل عن بعض ولو علم ذلك، بل عن الجواهر لا أجد فيه خلافا معتدا به فضلا عمن كان يرجوه، لصدق اسم المصدود، ويكفي في العموم النصوص السابقة، نعم قد يشك في صورة العلم التي يمكن دعوى ظهور كلمات الأصحاب في خلافها، ولولا ذلك لكان إلحاقها متجها أيضا.
وعن الأستاذ أدام الله ظله: لو علم انكشاف العدو لم يجز له التحلل، نعم يمكن القول بالعموم كما ذهب إليه صاحب الجواهر وغيره.
واستشكل على العموم صاحب المدارك بأن ما وصل إلينا من الروايات لا عموم فيه بحيث يتناول هذه الصورة أي صورة غلبة الظن، ومع انتفاء العموم الحكم بالجواز مشكل، أو يلوح من كلام الشهيد في الروضة وموضع من الشرح أن التحلل إنما يسوغ إذا لم يرج المصدود زوال العذر قبل خروج الوقت، ولا ريب في أنه أولى.
قال المحقق صاحب الشرايع: ولكن الأفضل وعن الجواهر والأولى بل والأحوط البقاء على إحرامه فإذا انكشف أتم ولو اتفق الفوات تحلل بعمرة ولم يعرض فيه المصنف حكم من تحلل اختيارا وانكشف العدو.
هنا بحث: وهو هل جواز التحلل للظان حكم ظاهري أم واقعي؟ وتظهر الثمرة إن قلنا أنه حكم ظاهري إذا المصدود لو غلب على ظنه انكشاف العدو وتحلل ولكن مع ذلك يكون محرما فعليه إتيان مناسكه بعد انكشاف الخلاف، لذهاب الأصحاب رضوان الله عليهم إلى أن الحكم الظاهري حجة ما لم ينكشف خلافه، فإذا انكشف خلافه لا يكون حجة، وأما إن قلنا إنه حكم واقعي فهو حل واقعا ولو انكشف الخلاف، فإذن يحرم ثانيا بإحرام الحج من ميقاته أو بإحرام العمرة من ميقاتها هذا. ولكن ما استفاد العلماء من مجموع الأدلة أن حكم الاحلال حكم واقعي لا ظاهري.