وفيه: إن منع من معظم الأجزاء لم يقيد الشارع الاحلال بالتمكن عن الاستنابة، فبعض الأجزاء أولى بالاحلال بعدم التمكن فالجزء أولى بالاحلال من الكل، لأن الجزء أولى بالاحلال من الكل بالهدي.
إن قلت لقائل أن يقول أولا لا يجب تدارك الجزء إن كان غير ركن، لأن صاحب الجواهر يقول: ظاهر الأدلة كتابا وسنة وحدة الأجزاء حكما وإذا لم يقدر على إيجاد جزء في الخارج كاف في جريانه لكل جزء ركنا كان أم غير ركن، وحينئذ يكون الأصل تحقق الصد الموجب للتحلل بالهدي بالمنع عن الحج والعمرة، ولو أبعاضهما وسقوط ما صد عنه بعد التحلل في عامه ولكن وجوب الحج باق في ذمته.
ثانيا إن قلنا بعدم شمول دليل الأولوية للتحلل بالهدي في مكانه فبسبب استصحاب بقاء وجوب الاحرام عليه يمكن اثبات توقف الاحلال على الذبح، وليس من لوازم المصدود قضاء الحج وجوبا أو ندبا في القابل، إلا في صورة الاستقرار عليه فإذن يأتي به في القابل، وأما لو أفسد الحج فعليه الاتمام في تلك العام والقضاء في القابل.
وعن صاحب المدارك والمسالك والقواعد: ويحتمل أن يحلق ويأتي بالطواف والسعي ويستنيب في الرمي والذبح إن أمكن ويتحلل بما عدا الطيب والنساء والصيد حتى يأتي بالمناسك.
وإن لم يمكنه الاستنابة يحلق ويأتي بالطواف والسعي ويأتي قضاء الرمي والذبح في القابل.
وأشكل عليهم الأستاذ حفظه الله وقال: إن قلنا بشمول دليل جواز الاحلال للمصدود بعد صده من الرمي والذبح فعليه القضاء في القابل، لأن الحج لا يبطل بتركهما ولو عمدا، وإن قلنا بعدم شموله فالعمدة هي إشكال الفاضل في القواعد في ذلك، حيث قال: ولو لم يدرك سوى الموقفين فإشكال - أي في تحقق الصد وأحكامه - وادعاء انصراف صدق الصد على الاجزاء التي تكون ركنا.
وعن الأستاذ حفظه الله، قلنا أولا لا يمكن الافتراق بين الاجزاء ركنا كان الجزء أم غيره.
ثانيا: قدر المتيقن من جواز التحلل للمصدود هو الصد عن الموقفين وباقي المناسك كما يقتضي ذلك كتابا وسنة وفتوى ، لا ما إن صد من دون الموقفين، وفي صدق الصد عليه إشكال...
نعم الفرق بين التارك والمصدود موجود لأن في فرض الترك مضافا على القضاء في القابل يكون على التارك المعصية بخلاف المصدود فإن عليه القضاء في القابل فقط.
وإن قلنا يكون جواز الاحلال رخصة لا أنه عزيمة فله التحلل بعد الطواف والسعي والقضاء في القابل.
وإن قلنا بقدر المتيقن في المسألة فله الحلق وبعده يسعى ويطوف ويصح حجه.
وعن صاحب الجواهر: ولا يخفى عليك ما في الاحتمال المزبور مع عدم إمكان الاستنابة بعد عدم الدليل بل ظاهر الأدلة خلافه، لقوله تعالى: (1) وأتموا الحج والعمرة، وإن لم يقدر على الاتمام، فما استيسر من الهدي (2) وهذا الحكم عام يشمل كل جزء ركنا كان الجزء أم غير ركن.
2 - البقرة: 192.