وإن كان الدخول مقارنا للوقت فهو مخير بين الحج والعمرة المفردة إلا الحطاب والحشاش ومن أصل ومما يمض شهر ويتكرر وجوبها بحسب السبب. وأفعالها ثمانية: النية والاحرام والطواف وركعتاه والسعي والتقصير وطواف النساء وركعتاه وهذه هي التي تكون أعمال العمرة المفردة وإن لم يصرح بها هنا أو فيما مضى عند ذكرها أيهما المتعة والأخرى المفردة ولكن الحق أن ما مضى أعمال المتعة وما ههنا هو العمرة المفردة ولذا التعريف الأولى للنائي والثانية لمن حاضري المسجد الحرام والأول لا تصح إلا في أشهر الحج كما تسقط المفردة عنها ولا تصح إلا في أشهر الحج، وتسقط المفردة معها فعلى هذا الأساس للحاضر العمرة المفردة وبالمتعة تسقط المفردة. وهذا مخالف لقوله: والمفردة تلزم حاضري المسجد الحرام إذ بين المفهومين تدافع ظاهر كما عن المسالك وأجاب عن ذلك: وكأن الموجب لذلك أي سقوط المفردة بالمتعة كون عمرة التمتع أخف من المفردة، فكانت المفردة بسلب ذلك أكمل وهي المشروعة بالأصالة المفروضة قبل نزول آية التمتع، وكانت عمرة التمتع قائمة مقام الأصلية مجزية عنها، وهي منها بمنزلة الرخصة من العزيمة ويكون قوله والمفردة تلزم إلى آخره إشارة إلى ما استقر عليه الحال وصار هو الحكم الثابت الآن بأصل الشرع، ففي الأول إشارة إلى ابتدائه والثاني إلى استقراره، وهو كالصريح في المفروغية من عدم وجوب عمرة مفردة على النائي وعن الاستار حفظه الله وجه أخفية المتعة منها في أمور منها: إن في عمرة التمتع يتعين التقصير وفي العمرة المفردة تخير بينهما: منها أنه لا يكون في عمرة التمتع طواف النساء وفي العمرة المفردة يجب طواف النساء، منها ميقات عمرة التمتع أحد المواقيت، وميقات العمرة المفردة أدنى الحل.
ثم أنه لا إشكال ولا خلاف في أن المواقيت التي عينها رسول الله صلى الله عليه وآله عام يشمل بعمومها الحج وعمرته فلذا يجب للحاج الذي يمر على طريق المدينة في إحرامه لحج المتعة كان الاحرام أم للعمرة المفردة في أشهر الحج هذا الاحرام، أم غيرها واجبا كان الاحرام أم مندوبا إن يحرم من ميقاتهم وهو نفس مسجد الشجرة ولا يجوز التأخير اختيارا إلى الجحفة وهي لأهل الشام وما شاكل وإن عصى وأخر إلى أن يأتي الجحفة وأحرم منها صح إحرامه إفرادا كان الاحرام أم تمتعا ولا يجب عليه العود إلى المدينة والاحرام منها.
ثم لو أخر الاحرام إلى أن يأتي مكة يجب عليه العود وإلا بطل إحرامه، وهنا مواقيت آخر منها: أدنى الحل وهو لكل عمرة مفردة سواء كانت بعد حج القران أو الافراد أم لا، والأفضل أن يكون من الحديبية أو الجعرانة، وفي هذه الصورة إن قلنا بأنه يختص لمن كان منزله مكة فالذي يكون خارجها ففيه تفصيل، وهو إن كان بعد الميقات فميقاته دويرة أهله، وإن كان قبله فميقاته.
وهذا بخلاف ما لو لم نقل به بل قلنا باختصاصه بها فهو كساير المواقيت التي يجب الاحرام منها ولذا إن عصى وأخر الاحرام إلى أن يأتي في الحل وأحرم منه فعمرته صحيح وإن عصى للفرق بين العمرة المفردة والمتمتع بها إذ في الثاني يجب الاحرام له من ميقاته بخلاف الأول، نعم لو نسي فعليه العود إليه وإلى هذا تشير، أي جواز الاحرام من أدنى الحل للتأسي والنصوص منها: عن معاوية بن عمار (1)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه