عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد فإن الله عز وجل يقول: (هديا بالغ الكعبة) وعن الأستاذ حفظه الله: وهو بإطلاقه يشمل عدم تقييد ذبح فداء غير الصيد بالمكان حجا كان أو عمرة وله أن يذبح حيث شاء ولو تركه حتى يرجع إلى أهله ويذبح هناك إلا الصيد، إذ مقتضى قوله تعالى: (هديا بالغ الكعبة) هو ذبح فدائه بمنى إن كان في الحج وبمكة إن كان في العمرة، وانحصار ذبح فداء الصيد فيهما مع قوله تعالى: (هديا بالغ الكعبة) يكون بالنص، إلا أن الأصحاب أعرضوا عنه لارساله، ولذلك لا يمكن أن يعارض مع غيره ويقدم عليه في غير الصيد والحكم بعدم لزوم مكان خاص في غير الصيد بل الحكم بإطلاقه منوط فيهما في الصيد كان أم غيره وهو أي صحيح ابن حازم من حيث عدم لزوم الذبح بمكان خاص في العمرة المفردة يشمل بإطلاقه صيدا وغيره وإن حمله الشيخ على كفارة غير الصيد، للنص، وهو صحيح عبد الله بن سنان لتعين ذبحه فيه بأحد الموضعين، وهاتان الروايتان وإن يمكن الجمع بينهما بالعموم والخصوص مطلقا فيقدم الخاص وهو صحيح عبد الله بن سنان على العام وهو صحيح ابن حازم فيحكم بلزوم ذبح فداء الصيد بمكة دون غيره: إلا أن الانصاف أن بينهما عموم وخصوص من وجه بيان ذلك: أن مقتضى صحيح ابن سنان هو الاطلاق من ناحية لزوم ذبح فداء الصيد بمكة مفردة كانت العمرة أم تمتعا، وتقتضي رواية ابن حازم الاطلاق من جهة كفارة العمرة المفردة له الذبح بمكة إلا أن يشاء صاحبها أن يؤخرها إلى منى ويجعلها بمكة أحب إلي وأفضل صيدا وغيره، ويتعارضان في عمرة التمتع والصيد، إذ مقتضى صحيح ابن سنان ذبح كفارة التمتع بمكة فيما إذا كان التمتع بمكة فيما إذا كان صيدا، كما أن مقتضى رواية ابن حازم الاطلاق صيدا وغيره بمكة أفضل وله الذبح بمنى، دون صحيح ابن سنان لتعين ذبح فداء الصيد فيه بمكة، هذا ولكن الشيخ حمل صحيح ابن حازم على كفارة غير الصيد فيرتفع التعارض، إذ مقتضاه حينئذ جواز ذبح فداء غير الصيد في العمرة المفردة بغير مكة وإن كان الذبح فيها أحب وأفضل، ومقتضى صحيح ابن سنان ذبح فداء الصيد في عمرة التمتع بمكة ويمكن تخصيص عموم أحدهما بمعونة الأخرى فيخصص رواية ابن حازم بمعونة رواية ابن سنان إذ مقتضاه جواز ذبح فداء الكفارة في العمرة المفردة بغير مكة صيدا كان أو غيره وإن كان الذبح فيها أفضل فيخصص بمعونة رواية ابن سنان فيحكم به إلا في الصيد لتعين ذبحه بمكة، وكذا يخصص عموم رواية ابن سنان بمعونة رواية ابن حازم إذ مقتضى رواية ابن سنان تعين ذبح الكفارة فيهما فيخصص بمعونة رواية ابن حازم فيحكم به إلا في العمرة المفردة بجواز ذبحه بمنى أيضا وإن كان الذبح بمكة أفضل.
وملخص الكلام أنه إن قلنا بالجمع بينهما يمكن استثناء العمرة المفردة من صحيح ابن سنان والحكم بجواز ذبح فداء غير الصيد بغير مكة وإلا فلا، بل يبقى هو أيضا تحت الاطلاق ويقدم رواية ابن سنان بإطلاقه عن غيره، ويحكم بلزوم ذبح الفداء بمكة إن كان في العمرة وبمنى إن كان في الحج.
وعن المدارك قال: وهذه الروايات كما ترى مختصة بفداء الصيد، أما غيره فلم أقف على نص يقتضي تعين ذبحه في هذين الموضعين، فلو قيل بجواز ذبحه حيث كان لم يكن بعيدا ولذلك ذهب بعض إلى أن هذه النصوص تكون في غير الصيد، عن محمد بن إسماعيل (1) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الظل للمحرم من أذى مطر أو شمس، فقال:
أرى أن يفديه بشاة يذبحها بمنى، وفيه: أنه لا بد وأن يكون الاحرام للحج لحكمه عليه السلام بذبح فداء غير الصيد كالتظليل وغيره أيضا بمنى، وعن الأستاذ حفظه الله: وإن يمكن القول بإطلاقه حتى يشمل الحج والعمرة ولكن الانصاف:
الظاهر أن كفارة الحج في الصيد متعينة بمنى، وعن علي بن جعفر (2) قال: سألت أخي عليه السلام، أظلل وأنا محرم؟
فقال: نعم وعليك الكفارة، قال: فرأيت عليا عليه السلام إذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظل) وعن الأستاذ حفظه الله : وإن حكم الإمام عليه السلام بذبح الكفارة في غير الصيد بمنى، ولكن لا دلالة فيه على التعين.
بقي شئ: وهو بعد عدم القدرة على ذبح فداء غير الصيد فيهما (إن قدمنا نصوص التعين فيهما حتى في غير الصيد