وعن إسحاق عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام إن عليا عليه السلام كان يقول (1): إذا اضطر المحرم إلى الصيد وإلى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له) وقد حمله الشيخ على من لم يجد فداء الصيد ولم يتمكن من الوصول إليه لما مر.
عن عبد الغفار الجازي (2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها ووجد صيدا، فقال: يأكل الميتة ويترك الصيد: وقد حمله الشيخ على من لا يتمكن من الفداء وجوز حمله على التقية، لأن ذلك مذهب بعض العامة، وعلى من وجد الصيد غير مذبوح، ولأجل تغاير الأخبار وتعارض بعض مع البعض لا بد من الجمع بينها ليرتفع الاختلاف وعن بعض: يأكل الصيد ويفدي مطلقا سواء كانت الميتة موجودة أم لم تكن موجودة وعن بعض آخر:
يأكل الميتة مطلقا وعن ثالث: إن كان له الفداء فيأكل الصيد وإن لم يكن له الفداء فيأكل الميتة وعن الأستاذ حفظه الله:
وهذا على خلاف ما صرح بأكل الميتة من النصوص، اللهم إلا أن يقال: إنه مقيد بإمكان الفداء وعن رابع: تقديم الميتة على الصيد فيما إذا ذبح المحرم الصيد أو ذبحه المحل في الحرم دون ما إذا ذبحه المحل في الحل فيقدم على الميتة، هذه كلها وجوه الأقوال في المسألة وإن لم يكن شاهد جمع فيها لها، إذ ظاهر بعض النصوص لزوم أكل الصيد ووجوب الفداء عليه من غير فرق بين أن يكون عنده أو لم يتمكن فعلا من أدائه أو في المستقبل، ولا يكون تقديم أكل الصيد على الميتة مقيدا بما إذا ذبحه المحل في الحل، بل إن ذبحه المحرم في الحرم أيضا مقدم أكله عليها، وحينئذ يدور الأمر بين الجمع بينهما أو التخيير إن قلنا بأنهما متزاحمان، أو الترجيح إن قلنا بأهمية بعضها دون الآخر، وعن بعض: أقوى الوجوه هو الثاني لموافقة الكتاب معه لأن الله أحل أكل الميتة للمضطر دون الصيد، وعن الأستاذ حفظه الله: وظاهر الكتاب هو الاضطرار بالميتة لا ما إذا كان الأمر بينها وبين غيره لعدم صدق الاضطرار حينئذ، ويمكن تقديم أخبار الصيد لمخالفتها مع العامة لأن الرشد في خلافهم وإذا كان كذلك لم يصل النوبة بأيهما شاء أخذ، ولم يصل النوبة أيضا إلى تخيير عقلي وهو تقديم ترك واجب فيه بدل وفعل حرام فيه الكفارة على غيره فيما إذا دار الأمر بينه وبين غيره مما لا يكون له بدل أو الكفارة لعدم العقاب أولا ولتدارك المصلحة الواقع ثانيا، وبعبارة أخرى إن أكل الصيد والفداء يفهم بارتفاع العقاب وبقاء المصلحة دون ما إذا أكل الميتة هذا كله فيما له الفداء، وأما إن لم يكن له الفداء فعن الماتن تقديم أكل الميتة على الصيد، وعن الأستاذ حفظه الله: وما ذهب إليه الشرايع لا يمكن قبوله مطلقا بل الحق هو التفصيل بين ما إذا تعلق الفداء بالذمة فلا فرق حينئذ بين أن يكون موجودا أم لم يكن موجودا إذ يبقى التعارض بحاله، وبين ما إذا لم يتعلق بالذمة فلا يمكن أيضا في هذا الحال تقديم الميتة على الصيد، إذ في كل ما يتصور فقد الفداء يجب أكل الصيد، اللهم إلا أن يقال إنهما عام وخاص إذ نصوص الميتة مخصوص بما إذا لم يتمكن من الفداء ولا يبعد أن يكون كل منهما عاما من جهة وخاصا من جهة أخرى، ولكن الانصاف هو الأول، وعليه لا بد وأن يؤخذ بالمتيقن وهو ما يوافق مع قول الماتن، هذا كله إن لم نقل بتقديم أكل الصيد مطلقا وإلا فأكل الصيد مقدم وإن لم يتمكن من الفداء فيأتي ببدله.
(وإذا كان الصيد مملوكا ففداؤه لصاحبه) وفي المسالك: هكذا أطلق عليه الأكثر، ثم قال: ويترتب على ما ذهب إليه الماتن مفاسد: