المحل في الحل فهو مذبوح شرعا، وبين ما إذا ذبح المحرم في الحل أو المحل في الحرم فلا يأكله لحرمة الأكل عليه ولذلك يأكل الميتة للآية دونها، أو بتقديم أكل الميتة على الصيد مطلقا لتعارض النصوص وتغايرها ومع عدم إمكان ترجيح أحدها على الآخر وتساقطها فيقدم أكلها للآية، عن الحلبي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل؟ قال: يأكل من الصيد أليس هو بالخيار (أما يحب أن) يأكل من ماله؟ قلت: بلى قال: إنما عليه الفداء فليأكل وليفده) وعن يونس بن يعقوب (2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المضطر إلى الميتة وهو يجد الصيد، قال: يأكل الصيد، قلت: إن الله عز وجل قد أحل له الميتة إذا اضطر إليها ولم يحل له الصيد، قال: تأكل من مالك أحب إليك أو ميتة؟ قلت: من مالي، قال: هو مالك، لأن عليك فداؤه، قلت: فإن لم يكن عندي مال؟ قال: تقضيه إذا رجعت إلى مالك) وعلل الإمام في جواب السائل - حيث قال: أحل له الميتة ولم يحل له الصيد - بقوله: (تأكل الصيد وهو مالك لأن عليك فداؤه) فحينئذ تكون المعاوضة بين أكل الصيد والفداء قهرية خصوصا إذا ذبحه المحل في الحل، إذ لا يكون أكل الصيد مقيدا بالحياة أو المماة أو ذبحه هو أم غيره، أو ذبحه هو في الحل والذبح في المحل وإن كان حراما للمحرم إلا أن الاضطرار رافعها وإن قلنا بخروجه عن ملكه إلا أن المعاوضة بينه وبين الفداء تجعله من ماله، ويمكن أن يقال بتقديم الصيد على الميتة لمعاوضته بالفداء دونها، كما إذا دار الأمر بين ترك ما وجب ومعه البدل وبين فعل ما حرم ومعه الكفارة مقتضى القاعدة تقديم ماله البدل من فعل أو ترك، وكذلك هنا فلا بد من تقديم أكل الصيد لتقابله بالفداء دونها، ويمكن أن يكون ملكية الصيد له في هذا الحال للاضطرار فيذبح ويأكل ويفدي بدلا له كما يمكن أن يقال بجواز ذبحه في هذا الحال لأنه ملكه، هذا كله فيما علم أن التقديم يكون بإذنه، أو القول بعدم التفاته بكونه ملكه فأمره عليه السلام بتقديم أكله على الميتة.
محمد بن علي بن الحسين (3) قال: قال أبو الحسن الثاني عليه السلام: يذبح الصيد ويأكله ويفدي أحب إلي من الميتة) وهو صريح في أنه يذبح ويأكل، ولذلك يمكن أن يستظهر من قوله عليه السلام: (يذبح الصيد ويأكله) تقديم أكل الصيد على الميتة ولو ذبحه المحرم فعليه كفارتا الذبح والأكل، ويتفرع عليهما رفع العقاب وبقاء المصلحة على ما هي عليها.
عن علي بن جعفر (4) عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن المحرم إذا اضطر إلى أكل صيد وميتة، وقلت إن الله عز وجل حرم الصيد وأحل الميتة، قال: يأكل ويفديه فإنما يأكل ماله).
وفي هذه النصوص كلها يأمر بأكل الصيد ويفدي لأنه يأكل ماله، خلافا للنصوص الآتية الآمرة بأكل الميتة لأنه تعالى قال بجواز أكلها للمضطر قال: (5) (وقد روي أنه يأكل من الميتة لأنها أحلت له ولم يحل له الصيد).