منها: ولما إذا كانت الجناية غير موجبة لضمان الأموال كالدلالة على الصيد مع المباشر، ولما إذا كانت الجناية من المحرم في الحل أو في الحرم أو من المحل في الحرم فيشمل ما يجتمع فيها القيمة والجزاء ومقتضاه أنه لا يجب له تعالى سوى ما يجب للمالك، مع أن القواعد المستقرة تقتضي ضمان الأموال بالمثل أو القيمة كيف كان، وكما قد يقتضي الحال في هذه المسألة ضمان ما هو أزيد من ذلك كما إذا زاد الجزاء عن القيمة أو اجتمع عليه الأمران قد يقتضي ضمان ما هو أقل، فيتحصل في المسألة مخالفة في أمور، منها لزوم البدنة عوضا عن النعامة مع أنها قيمته، ومنها لو كان المتلف بيضا موجبا للارسال فأرسل الجاني ولم ينتج شيئا يلزم ضياع حق المالك وإن أوجبنا القيمة هنا ونفينا الارسال لزم الخروج عن النص المعلوم، ومنها لو كان المحرم مثلا دالا ضمن أيضا مع المباشر، إلى غير ذلك من المخالفات للأصل المتفق عليه من غير موجب يقتضي المصير إليه، ولذلك ذهب المحقق الشيخ علي إلى أن فداء المملوك لله تعالى، وعليه القيمة لمالكه، وعن صاحب الجواهر: ولا ريب في قوة مختاره إن لم نقل بتعارض الأدلة من وجه باعتبار إطلاق ما دل على ضمان المال لصاحبه بمثله أو قيمته، وإطلاق ما دل على ضمان النعامة مثلا بالبدنة سواء كانت مباحة أو مملوكة، ولكن في الأول تكون لله تعالى باعتبار عدم مالك غيره بخلاف الثاني الذي كان المالك فيه غيره، وعن الأستاذ حفظه الله: وفي قوله: (في الأول تكون لله تعالى باعتبار عدم مالك غيره إلخ).
لا بد وأن يكون الدليل الدال عليه موجودا وإلا فلا فرق بين ما يجب عليه إتيان البدنة لله تعالى أم للمخلوق، وهكذا هديا بالغ الكعبة لعدم الفرق بين أن يكون صيدا أو غيره وإن قلنا بعموم من وجه فيتعارضان في مورد الاجتماع ولا يمكن تقديم أحد الدليلين على الآخر، بل لا بد وأن يتمسك بالأصل، هذا وقد أجمع صاحب الجواهر بينهما على طريق آخر، وهو عدم معارضة عموم ما دل على ضمان الأموال بالمثل والقيمة مع غيرها وهو ظهور الكتاب والسنة في كون الفداء المزبور إنما هو لله تعالى وإن كان محرما في الحرم وأتلف مال الغير فهو له ضامن، وعن الأستاذ حفظه الله: وما ذهب إليه مشكل إلا أن يقال: مقتضى ذلك اختصاصه تعالى ماله (هديا بالغ الكعبة) وعن المسالك: والمفهوم من الفداء ما يلزم المحرم بسبب الجناية على الصيد من مال أو صوم أو إرسال، ويجب الرد لمالكه إلا أن إطعام عشرة مساكين مردد بين الاطعام والاعطاء لصاحبه أو الحصر على إطعام عشرة مساكين، وذهاب البعض إلى ضمان الفداء للمالك إن كان وإلا فلا مخالف لقاعدة نفي الضرر وحينئذ عليه أن يتدارك بالمثل أو القيمة.
(وإن لم يكن مملوكا تصدق به) بعد ذبحه إن كان حيوانا، والدليل على ذلك نصوص، منها ما عن الحلبي (1) قال الصادق عليه السلام: (إن قتل المحرم حمامة من حمام الحرم فعليه شاة وثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به) وهو ظاهر في التصدق به بعد ذبحه، منها صحيح زرارة (2): (إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة إلى أن يبلغ الظبي فعليه دم يهريقه ويتصدق بمثل ثمنه، فإن أصاب منه وهو حلال فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه) ومقتضى ما تقدم من النصوص هو التصدق به بعد ذبحه، وهل يشترط اعتبار الايمان في مستحق هذه الصدقة أم لا، وعن المدارك لم أقف للأصحاب تصريح باعتبار