الاحصار والصد - السيد الگلپايگاني - الصفحة ١٤٨
الإصابة، وإن كان الأفضل منى في الحج ومكة في العمرة، وهل يمكن أن يجمع بالخيار مطلقا، أو الحكم بمقتضى قوله:
(وإن شاء تركه) إلخ بأن له جواز تأخير الذبح إلى أن يأتي أهله ويذبح حتى أفاد ذبحه المؤمنين الذين هم الأصل فيه بعد أن قلنا باعتبار الايمان في مستحقيها، أو الأقل له جواز تأخير الذبح إلى مكة لاستفادة من له الأهلية وهم المؤمنون لعدم لزوم ذبح الكفارة بمنى كالهدي، وعن المبسوط التصريح بأن للمعتمر أن يذبح غير كفارة الصيد بمنى، هذا كله لما يمكن استظهاره من النصوص وأما إن أغمضنا عنها فمقتضى أصالة البراءة عدم مدخلية المكان في الذبح فيذبح بعد الوجوب عليه حيث شاء وخلاصة الكلام: هل يجب ذبح الفداء مطلقا صيدا كان أم غيره للحاج بمنى وللمعتمر بمكة كما عن الماتن أو ذبحه فيهما على الأفضلية فيجوز ذبحه في غيرهما ولو في الصيد، مع أن ظاهر الأمر هو الفور فيجب فورا ولو عقلا، ولكن وجوب التأخير إليهما إن قلنا بالتعين فيهما أو إلى غيره أيضا إن قلنا بالأفضلية فيهما بمقتضى النصوص، وقوله تعالى : (هديا بالغ الكعبة) أو الوجوب فيهما منحصر بفداء الصيد دون ساير الكفارات وعن الأستاذ حفظه الله: مقتضى النص الثاني فلا يصح أن يعارض غيرها معها لقلتها وضعفها سندا، عن أبي عبيدة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم جزاؤه من النعم دراهم) وعن الأستاذ حفظه الله: وهو صريح في عدم لزوم الذبح فيهما بل وجوب الذبح عليه هو من موضعه الذي أصاب فإن لم يجد قوم جزاؤه دراهم وحينئذ يصح القول بلزوم ذبح فداء الصيد فيهما دون غيره.
وعن المفيد مرسلا (2) (في المقنعة) قال: قال عليه السلام: المحرم لا يأكل من الصيد وإن صاده الحلال، وعلى المحرم في صيده في الحل فداء، وعليه في الحرم القيمة مضاعفة، ويأكل الحلال من صيد الحرم لا حرج عليه في ذلك قال: وقال عليه السلام: المحرم يفدي فداء الصيد من حيث صاده).
وعن الأستاذ حفظه الله: وقوله عليه السلام: (من حيث صاده) يحتمل أن يكون مكانيا أي يفدي فداء الصيد في المكان الذي أصابه، ويحتمل أن يكون المعنى أن ابتداء لزوم ذبح الفداء من هنا، والاحتمال الثاني هو خيرة الأستاذ حفظه الله، وعن حريز (3) سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أهدي إليه حمام أهلي جئ به وهو في الحرم محل قال: إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه) وعن الأستاذ حفظه الله: إن قلنا مراده عليه السلام من قوله: (مكانه) هو الموضع الذي أصابه لا عوضه الذي أصابه يدل على لزوم التصدق عليه في مكانه الذي أصاب ولكن الانصاف أنه لا ارتباط لها بالبحث إذ الحكم فيها منوط بالمحل وعليه التصدق بالقيمة لا الفداء وعليه لا يمكن التمسك بها لاستظهار تعيين موضع ذبح الفداء لعدم تعرضها، وعن معاوية بن عمار (4) قال يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه) وعن الأستاذ حفظه الله: وفيه أولا عدم معلومية المنقول عنه هل هو الإمام أو معاوية بن عمار، الثاني: قوله عليه السلام: (يفدي) يمكن أن يكون معناه يجب، أو يذبح، أو يشتري.
هذا كله مما يمكن أن يتمسك بها لاثبات عدم تعيين ذبح فداء الصيد فيهما كما عن بعض أيضا، ولكن الانصاف أنه لا يمكن رفع اليد عن النصوص الواردة في تعيين حكم ذبح فداء الصيد فيهما لصحتها واعتضادها بقوله تعالى: (هديا بالغ الكعبة) وعدم إمكان التمسك بغيرها لقلتها وضعفها سندا وإرسال بعضها فحينئذ لا يمكن الجمع بينهما بحمل الأولى منهما على الأفضلية والجواز في غيرها.
ثم إن الكلام بعد أن قلنا بلزوم ذبحه للحاج بمنى وللمعتمر بمكة في أنه هل يمكن إثبات عدم لزوم ذبحه للمعتمر بمكة أم لا؟ فعن منصور بن حازم (5) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن كفارة العمرة المفردة أين تكون؟ فقال: بمكة إلا أن يشاء صاحبها أو يؤخرها إلى منى، ويجعلها بمكة أحب إلي وأفضل، وفيه: إنه بإطلاقه يدل بأفضلية ذبح كفارات الصيد وغيره بمكة، وعن الشيخ حمله على غير كفارات الصيد، وخالف معه الأستاذ وقال: لا داعي لهذا الحمل اللهم إلا أن يقال: صرح النص بعدم تقييد غير الصيد بالمكان فيؤخذ به وإلا يبقى الاطلاق بحاله، عن زرارة (6) عن أبي جعفر عليه السلام إنه قال: في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره إن كان في الحج بمنى حيث ينحر الناس، وإن كان في عمرة ينحره بمكة، وإن شاء تركه إلى أن يقدم مكة ويشتريه فإنه يجزي عنه) ومعنا ذلك: عليه في عمرة التمتع ذبح الفداء بمنى إن كان قادرا وإن لم يقدر أو لم يوجد يرجع إليها ويذبح بمكة ولكن نقلها في الباب الأخرى غير ما نقلها هنا، وهي: العياشي في (تفسيره) عن زرارة (7) عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) قال: من أصاب نعامة فبدنة، ومن أصاب حمارا أو شبهه فعليه بقرة، ومن أصاب ظبيا فعليه شاة بالغ الكعبة حقا واجبا عليه أن ينحره إن كان في حج فبمنى حيث ينحر الناس، وإن شاء في عمرة نحر بمكة، وإن كان تركه حتى يشتريه بعد ما يقدر فينحره فإنه يجزي عنه) والظاهر هو عدم تقييد ذبح فداء الصيد بمكان في العمرة خلافا للحج لتقييده بمنى، ومما يمكن استظهار عدم لزوم ذبح فداء غير الصيد بمكة بل له الخيار في الذبح بمكة أو الرجوع إلى أهله وذبحه ما عن أحمد بن محمد (8)

1 - الوسائل - الباب - 2 - من أبواب كفارات الصيد، ح (1).
2 - الوسائل - الباب - 3 - من أبواب كفارات الصيد، ح (3).
3 - الوسائل - الباب - 10 - من أبواب كفارات الصيد، ح (10).
4 - الوسائل - الباب - 51 - من أبواب كفارات الصيد، ح (1).
5 - الوسائل - الباب - 49 - من أبواب كفارات الصيد، ح (4).
6 - الوسائل - الباب - 51 - من أبواب كفارات الصيد، ح (2).
7 - الوسائل - الباب - 1 - من أبواب كفارات الصيد، ح (5).
8 - الوسائل - الباب - 49 - من أبواب كفارات الصيد، ح (3).
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»