الارسال فعليه ضمانه) (1) وهذا كله يدل على عدم إمكان تملك الصيد للمحرم، وعن الأستاذ حفظه الله: إن المنع عن التصرف في الملك مطلقا يغاير الملكية - كما عن المدارك أيضا - ضعيف، بل الحق التفصيل بين ما إذا كان المنع في كل حال فهو مغاير للملكية، وأما إن لم يكن المنع في كل حال فلا يكون ملازما لسلب الملكية عن مالكه.
نعم يمكن استظهار الملازمة بين المنع عن التصرف وزوال الملكية إن قلنا إن معنى الصيد في الآية هو الاصطياد بدليل المقابلة بين الأمر بالاصطياد في القرآن (فإذا حللتم فاصطادوا) للمحل وبين النهي عنه للمحرم لقوله تعالى: (حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) وحينئذ نهى الشارع عن الاصطياد الذي هو أحد أسباب الملكية، هذا كله بناء على أن النهي هو نفس الاصطياد، ولكن عن بعض التفصيل بين الاصطياد وبين غيره والحكم بالجواز في الأول دون الثاني، وعن بعض آخر الحكم بعدم خصوصيته في الاصطياد، بل مقتضى الحكم كون الصيد مأمونا ومحفوظا من إيهاج المحرم وعدم سقطه عليه، ومعنا ذلك إثبات منع الاصطياد بمعونة الآية الكريمة والغاء الخصوصية عن غيره. فالقول بالملازمة بين المنع عن التصرف وزوال الملكية ومعه لا يحتاج إلى غيرها من الأدلة.
وعن صاحب الجواهر: خصوصا إذا لوحظ كون تملكه من جملة الانتفاع، وعن الأستاذ حفظه الله: القول بحرمة جميع التصرفات حتى التملك يحتاج إلى دليل وليس في البين دليل.
هذا كله إن قلنا إن الصيد معناه هو الاصطياد، وأما إن قلنا إن مقتضى قوله تعالى: (حرم عليكم) أي حرم عليكم جميع التصرفات ومنه الاصطياد يصح القول حينئذ بحرمة الاصطياد أيضا لأنه يكون من مصاديق ما هو المحرم من قبل الله تعالى.
وكيف كان بعد إثبات حرمة التصرفات فلا فرق في ذلك أي عدم التملك بين أن يكون سبب الملك اختياريا كالاصطياد أو يكون قهريا كالإرث خلافا للبعض لذهابهم إلى الفرق بين الأسباب القهرية فيملك وبين غيره، فلا يمكن القول بدخوله في ملكه، وعن الأستاذ حفظه الله: وما ذهب إليه البعض يمكن قبوله إن لم نقل بممنوعية التصرف فيه وعدم دخوله في ملكه للاحرام، وأما إن قلنا به فلا يصح القول بالفرق بين الملك القهري والاختياري، وعلى كل حال فليس له القبض من البايع أو الواهب أو نحوهما لحرمة إثبات اليد على الصيد، فلو قبض وتلف في يده فعليه الجزاء والقيمة للمالك الذي هو البايع ونحوه، لكونه مقبوضا بالمعاملة الفاسدة، وإن أذن المالك، ضرورة كون القبض عدوانا باعتبار عدم المشروعية، وما في كشف اللثام من التوقف، في غير محله، وكأنه أراد بالتوقف ما لم يقبضه هو، وأما إذا قبضه فلا يصح الحكم بالضمان عليه.
وعن المسالك: الفرق بين علم البايع بالفساد فلا يكون للمحرم الضمان، بخلاف ما لم يكن عالما فعليه ضمانه، وعن الأستاذ حفظه الله: هذا التفصيل غير صحيح لرجوعه مع العلم بالفساد إلى هتك ماله وتلفه بيده مع أن مبنى المعاملة هو على التمليك، ورضاية البايع مبني على هذا النحو من المعاملة، فإذن إن تلف في يد المحرم فعليه ضمان ما تلف في يده، وحكي عن المبسوط أنه قال: لا قيمة عليه للواهب لقاعدة ما لا يضمن لصحيحه لا يضمن بفاسده وعن الأستاذ