(ومن دخل بصيد إلى الحرم وجب عليه إرساله ولو أخرجه فتلف كان عليه ضمانه سواء كان التلف بسببه أو بغيره) وقد قلنا سابقا إن للغاصب ضمان المال المغصوب لو تلف في يده فكذلك هنا عليه ضمانه إن كان الصيد في يده فدخل به الحرم ولم يرسل، إذ عليه إرساله ولو أخرجه فمات ضمنه أيضا وإن مات حتف أنفه، وعن صاحب الجواهر: نعم إن سلمه غيره فأرسله وعلم بالارسال ثم مات فلا ضمان: وعن الأستاذ حفظه الله: إن كان مراده من تسليمه إلى غيره إرساله مباشرة أو تسبيبا فهو ولا كلام فيه في عدم الضمان عليه إذ هو مقتضى النصوص في الباب والمتيقن منها، وإن كان مراده من تسليمه إلى غيره، هو إعطاؤه إلى الغير وهو الوكيل للارسال في أيام الحج أو بعدها مع إذن صاحبه أو بدون إذنه أو أخذ صيدا وأدخله الحرم قاصدا لامساكه ولكن فر الصيد، أو مات في يده قبل إرساله، أو أخذه آخذ وأرسله من دون إذنه ففي هذه الصور كلها يمكن البحث عن سقوط الضمان وعدمه، والمتيقن من النصوص في عدم الضمان هو الارسال بعد الدخول وإن مات بعده فلا شئ عليه، وإن أمسكه حتى مات فعليه ضمانه إذ هو مقتضى خبر بكير بن أعين (3). قال (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال: إن كان حين أدخله خلى سبيله فلا شئ عليه، وإن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء) وعن الأستاذ حفظه الله: منطوق الصدر يحكم بعدم الضمان عليه بعد تخلية السبيل عنه، ومفهومه إيجاب الضمان عليه إن لم يخل عنه سبيله مباشرة أو تسبيبا، بل عليه ضمانه إن أخذه آخذ ولم يرسله، أو يعطيه لغيره ليحفظه وهو يرسله.
وللذيل منطوق وهو إيجاب الضمان عليه إن كان أمسكه حتى مات، ومفهومه إن لم يمسكه فلا يجب عليه ضمانه اختيارا أو اضطرارا ويتفرع للثاني إن أخذه آخذ وفر من يده أو فر من يد صاحبه فلا يجب عليه ضمانه، وحينئذ يدور الأمر بين الأخذ بالصدر والحكم بوجوب الضمان عليه إن لم يرسله، أو الأخذ بمفهوم الذيل والحكم بعدم وجوب الضمان عليه إن لم يمسكه والأول أولى لقاعدة تقديم جانب مفهوم الصدر على الذيل لأنا إن قلنا ابتداء، (الماء إذا بلغ قدر كر لم ينجسه شئ) وقلنا بعده (الماء القليل الكائن في الكوز ينجسه شئ) لا يمكن انحصار أفراد مفهوم الصدر في الذيل إذ من الممكن أن يكون الذيل موردا للنظر ولذلك يتكلم فيه، إذ الميزان في قبول النجاسة كل ما يكون قليلا لا أنه ينحصر في ماء الكوز، فلولا ملاحظة مناسبة بين الحكم والموضوع لقلنا بأن عليه الضمان إن لم يرسله إلا أن يرسله، ولكن الانصاف أن الارسال مقدمة لعدم الامساك حتى الموت لا حكم الضمان يشمل عموم أفراد مفهوم الصدر، فإن كان حكم الضمان ينحصر في ما لم يرسل إذ هو المتيقن من المفهوم وإذا شك في باقي أفراد المفهوم لوجوب الضمان وعدمه مقتضى الأصل هو البراءة.
(ولو كان طائرا مقصوصا وجب حفظه حتى يكمل ريشه ثم يرسله) لصحيح حفص البختري (1) عن أبي عبد الله عليه السلام (فيمن أصاب طيرا في الحرم قال: إن كان مستوي الجناح فليخل عنه، وإن كان غير مستو نتفه وأطمعه وأسقاه، فإذا استوى جناحاه خلى عنه) وصحيح زرارة (2): (إن الحكم سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل أهدي له في الحرم حمامة مقصوصة فقال: انتفها وأحسن علفها حتى إذا استوى ريشها فخل سبيلها) ويستفاد منهما وجوب الحفظ لاكمال