الاحصار والصد - السيد الگلپايگاني - الصفحة ١٠٩
وما اختاره صاحب الجواهر فيه غموض وإشكال، أما قوله من عدم كون المراد من الصيد معناه الاسمي بل المراد المعنى المصدري فيرجع النهي إلى النهي عن الرمي في البر، فإن هذا مخالف لظاهر الأدلة: وأما قوله: (فلا يفيد فساده إلخ) فإن كان المورد مما يمكن اندارجه في باب المعاملات أو العبادات فحينئذ يسع لنا أن نتكلم في صحته أو بطلانه وأما إذا لم يكن منهما فلا يمكن البحث عن حليته أو حرمته، ولأجل ذلك اختار عدم ملكية الصيد على المحرم لأجل حرمة جميع التقلبات لا من حيث أن النهي يدل على الفساد. وإن قلنا إنه أخذ بقصد التملك أو أخذ آخذ فيمكن البحث في أنه هل كان النهي يرجع إلى أخذ الصيد في حال الاحرام ففي هذه الصورة يمكن البحث هل أن مقتضى الأخذ الحلية أم الحرمة:
وعن الأستاذ حفظه الله: الفرق بين العبادات والمعاملات واضح لمن له أدنى تأمل، لأن النسيان في الأول لا يضر بالمقربية بخلاف الثاني الذي لا يكون فيها بين الناسي والعالم، وعن الشيخ الحائري: النهي تارة يرجع إلى المعاملة وأخرى لا ترجع كالجمعة أي صلاتها، وفي الأول قام الاجماع على بطلان المعاملة علاوة عن المعصية وهذا النوع من المعاملة لا مساس لها به تنجز النهي وعدمه، وملخص ما ذكرناه هو عدم إمكان الموافقة والتبعية مما اختاره صاحب الجواهر.
ولكن الانصاف وجود الاطلاق في الاجماع حتى يشمل الحرم وخارجه ولو أن مفاد خبر أبي سعيد المكاري في خصوص الفداء إن مات في الحرم وظاهره تقيده بالحرم ولكن قلنا سابقا ما أفاده الخبر لم يقل به العلماء، وما اختاره العلماء لم يقل به الخبر، ولأجل ذلك لا يمكن انجباره لأجل الفتوى فإذن وجوب الفداء عليه مطلقا، وعن صاحب الجواهر: نعم إن لم يتمكن من إرساله بعد الاحرام لم يجب عليه ضمانه، وعن الأستاذ حفظه الله: يمكن إثبات الضمان عليه أيضا بقاعدة على اليد، لأن يده عليه لم يكن يد أماني حتى يكون خارجا من عموم على اليد، وإن مات في يده فعليه ضمانه أيضا، ولو لم يرسله حتى أحل ولم يكن قد أدخله الحرم فلا شئ عليه سوى الإثم، للأصل وغيره. وهل عليه وجوب الارسال بعد الاحلال أم لا؟ اختار البعض عدم وجوب الارسال عليه كاصطياده قبل الاحرام، ولكن مع شرط عدم إدخاله في الحرم.
توضيح ذلك: إن اصطاد المحل صيدا وأمسكه حتى أحرم ومات في يده وهو محرم فهو به ضامن، وإن أمسكه حتى أحرم ولم يدخله الحرم وأحل بعد ذلك بعمرة مفردة مثلا ورجع وأخذه لم يجب عليه إرساله، لأن هذا الحكم وأمثاله مختص بالمحرم، والمفروض أنه يكون محلا ولا يحتاج لاثبات ذلك التمسك بالاستصحاب، لأن عدم وجوب الارسال يكون بمقتضى الدليل كوجوب القصر على المسافر وإتمامه عليه بعد أن كان حاضرا، وإن شك في بقاء الحكم وارتفاعه عنه لا يصح التمسك به لتعيين وظيفة كل منهما في كل من الموطنين من ناحية الدليل من قبل الشارع.
وعن الأستاذ حفظه الله: ما اختاره البعض صحيح إن كان الدليل منحصرا بالآية لأن موضوعها حرمة التصرف على المحرم ما دام محرما، ومن المعلوم أنه لا يمكن إيجاب حكم الاحرام وإنجازه عليه، حتى بعد الاحرام، مع أنه ليس كذلك، بل وردت النصوص في الباب أيضا. منها قول الصادق عليه السلام في ذيل خبر أبي سعيد المكاري (1) (فإن أدخله الحرم وجب عليه أن يخليه، فإن لم يفعل حتى يدخل الحرم ومات لزمه الفداء) فعليه يمكن إثبات الاطلاق والقول بوجوب الضمان عليه إن مات في يده حتى بعد الاحلال لقوله عليه السلام بلزوم الارسال عليه قبل الاطلاق وإن لم يفعل ذلك
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»