وقد ظهر مما ذكرناه وهو إثبات وجوب الجزاء عليه للتمسك بقوله تعالى: (لا تقتلوا الصيد) خلافا لكشف اللثام الذي تمسك لاثبات الجزاء بالنص، وهو الرواية الواردة عن المعصوم عليه السلام.
الفصل الثاني في موجبات الضمان (وهي ثلاثة: مباشرة الاتلاف واليد والسبب، أما المباشرة فنقول: قتل الصيد موجب لفديته فإن أكله لزمه فداء آخر، وقيل يفدي ما قتل ويضمن قيمة ما أكل وهو الوجه).
وعن صاحب الجواهر: قيل للأصل وقول الصادق عليه السلام في موثق ابن عمار (1): (وأي قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فإن على كل إنسان منهم قيمته، فإن اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك).
وحسن منصور بن حازم أو صحيحه (2) عن الصادق عليه السلام أيضا قال له: (أهدي لنا طائر مذبوح بمكة فأكله أهلنا فقال: لا يرى به أهل مكة بأسا، قال: فأي شئ تقول أنت؟ قال: عليهم ثمنه) ومعنا ذلك: إن شك في المتباينين ولم يكن أحدهما ثمنا فمقتضى الاحتياط وجوب إعطاء كل منهما، ولكن إن كان أحدهما ثمنا فمقتضى القاعدة إجراء أصالة البراءة عن الآخر وإتيان القيمة.
وعن الأستاذ حفظه الله: وفيه إن كان الجزاء ثمنا ولم يعلم لغيره مدخلية فيه أم لا؟ فمقتضى القاعدة إجراء أصالة البراءة، وأما إذا كان التكليف مرددا بين الثمن والشاة وفي البين نصوص مؤيدة للجزاء لا يمكن القول عند الشك: مقتضى الأصل إعطاء القيمة دون الفداء بل مقتضى الأصل في الأكل كالقتل الفداء.
منها، عن ابن بكير وزرارة جميعا (3) عن أبي عبد الله عليه السلام: (في رجل اضطر إلى ميتة وصيد وهو محرم، قال : يأكل الصيد ويفدي).
ومنها، عن الحلبي (4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل؟
قال: يأكل من الصيد أليس هو بالخيار (أما يجب أن) يأكل؟ قلت: بلى قال: إنما عليه الفداء فليأكل وليفده) وفي هذا الباب وهو باب ثلاث وأربعين من أبواب كفارات الصيد وتوابعها من وسائل الشيعة اثنتي عشرة رواية وفي عشرة منها صرح الإمام عليه السلام بلزوم الفداء بعد الأكل على أن فيها حسن وصحيح وموثق.
فتلخص مما ذكرناه إيجاب الفداء في الأكل كالقتل. وهل هذا يرجع إلى تعدد المسبب بتعدد السبب؟ أم يتداخل؟
قال سيدنا الأستاذ حفظه الله بعدم التداخل، فحينئذ يجب لكل منهما الفداء، إلا عن بعض ومنهم المصنف وقيل عليه بعد الأكل قيمته للأصل وموثق ابن عمار (5) وحسن حازم (6) المتقدم.