وأما على القول الأول وهو العلم بالحياة فلا يمكن الحكم بعدم الفداء ولو أسقطه ميتا وتلخص أيضا بعد السقوط إن كان ميتا ففي كلتا الحالتين الأصل هو عدم وجوب الفداء عليه، لعدم صدق الصيد عليه أولا ولموته بعد سقط ثانيا، نعم عليه الأرش وهو التفاوت ما بين الصحيح والمعيب.
ولو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته احتمل وجوب عشر الشاة كالوقف المشاع الذي يكون عشره وقفا لمصالح المسلمين فله التصرف في التسعة من العشرة دون العشر الباقي فكذلك هنا، ومعناه بعد الذبح له التصرف في التسعة من العشرة ويعطي العشر في سبيل الله، ويحتمل وجوب عشر ثمنها.
هل القول الأول صحيح أم الثاني؟ وأجاب الأستاذ حفظه الله: مقتضى الاحتياط الجمع بين القيمة وإعطاء عشر الشاة.
ولو أزمن صيدا وأبطل امتناعه فهل ويجب عليه كمال الجزاء؟ أو ضمان الأرش؟ وهو تفاوت بين قيمتها صحيحا ومعيبا.
فعن الأستاذ حفظه الله: والأقوى عندي هو الأرش، وكذا لو أبطل أحد امتناعي مثل النعامة والدراج ضمن الأرش قطعا.
قال المحقق صاحب الشرايع: (الخامس: إذا قتل المحرم حيوانا وشك في كونه صيدا لم يضمن) وعن الأستاذ حفظه الله: الشك قسمان: قسم مصداقي وهو عبارة عن اشتباه الصيد بالآخر بعد أن كانا معا فرمى المحرم فأصاب، فلا يدري بأيهما أصاب، فإن أصاب بالظبي فعليه شاة وإن أصاب بالآخر فلا يجب عليه الجزاء لأنه شك في التكليف والأصل فيه هو البراءة، وقسم مفهومي وهو عبارة عن وجود الواحد في الخارج ولكن لا يدري هو ظبي أم شئ آخر، فرمى فأصاب فمات فلا يجب عليه الجزاء أيضا، ولا يمكن في هذين الحالتين التمسك بقوله تعالى: (لا تقتلوا الصيد) (1) لاثبات إيجاب الكفارة عليه، وكذا إذا شك في كونه صيد البر، وأما إذا علم عين المقتول وشك في كونه صيدا أو صيد البر ففي كشف اللثام عليه الاستعلام كما قد يرشد إليه قوله عليه السلام (2) في الجراد (ارمسوه في الماء) ولكن عن صاحب الجواهر:
وفيه نظر لأصالة البراءة والخبر إنما هو في مقابل من قال إنه صيد بحري لا مثل الفرض.
وعن الأستاذ حفظه الله: وإن علم أنه صيد ولكن شك في أنه بحري أم بري يمكن القول بانطباق قوله تعالى: (لا تقتلوا الصيد) عليه فيجب الجزاء في قتله لأنه عام وبعمومه يشمل كل مورد يشك فيه، للشك في خروجه عن العام بواسطة الخاص، وهو قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر) والشك أيضا في دخوله تحت الخاص الآخر وهو قوله تعالى:
(حرم عليكم صيد البر) حتى يجب عليه الجزاء إن رماه فأصاب فمات وهو كقوله أكرم العلماء ولا تكرم الفساق، وإذا شك في وجوب الاكرام وعدمه في أحد للشك في أنه فاسق حتى يحرم عليه الاكرام أم غير فاسق حتى يجب عليه الاكرام يمكن التمسك بالعام وإثبات إيجاب الاكرام عليه هذا.