بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٠٥
ثم إن الموجودات - بما هي معاليل له - قائمة الذوات به قيام الرابط بالمستقل، حاضرة بوجوداتها عنده، فهي معلومة له علما حضوريا في مرتبة وجوداتها، المجردة منها بأنفسها والمادية منها بصورها المجردة.
فقد تحقق أن للواجب (تعالى) علما حضوريا بذاته، وعلما حضوريا تفصيليا بالأشياء في مرتبة ذاته قبل إيجادها، وهو عين ذاته، وعلما حضوريا تفصيليا بها في مرتبتها، وهو خارج من ذاته. ومن المعلوم أن علمه بمعلولاته يستوجب العلم بما عندها من العلم.
تتمة:
ولما كانت حقيقة السمع والبصر هي العلم بالمسموعات والمبصرات، كانا من مطلق العلم، وثبتا فيه (تعالى)، فهو (تعالى) سميع بصير، كما أنه عليم خبير.
تنبيه وإشارة:
للناس في علمه (تعالى) أقوال مختلفة ومسالك متشتتة اخر، نشير إلى ما هو المعروف منها:
أحدها: أن لذاته (تعالى) علما بذاته، دون معلولاته، لأن الذات أزلية ولا معلول إلا حادثا (1).
وفيه: أن العلم بالمعلول في الأزل لا يستلزم وجوده في الأزل بوجوده الخاص به، كما عرفت (2).
الثاني: ما نسب إلى المعتزلة (3): أن للماهيات ثبوتا عينيا في العدم،

(1) هذا القول منسوب إلى بعض الأقدمين من الفلاسفة، كما في الأسفار 6: 179 - 180، وشرح المنظومة: 164.
وبعض آخر من الأقدمين أنكر علمه (تعالى) من أصله، راجع المصدرين السابقين من الأسفار وشرح المنظومة، والمباحث المشرقية 2: 469 - 475.
(2) راجع قبل قوله: " تتمة ".
(3) نسب إليهم في الأسفار 6: 181 - 182، وشرح المنظومة: 165.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»