بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٩٤
الفصل الأول في إثبات ذاته تعالى حقيقة الوجود - التي هي أصيلة لا أصيل دونها، وصرفة لا يخالطها غيرها، لبطلان الغير، فلا ثاني لها، كما تقدم في المرحلة الأولى (1) - واجبة الوجود، لضرورة ثبوت الشئ لنفسه، وامتناع صدق نقيضه - وهو العدم - عليه، ووجوبها إما بالذات أو بالغير، لكن كون وجوبها بالغير خلف، إذ لا غير هناك، ولا ثاني لها، فهي واجبة الوجود بالذات (2).

(١) راجع الفصل الرابع والفصل السابع من المرحلة الأولى.
(٢) اعلم أن البراهين الدالة على وجوده (تعالى) كثيرة، وإن أردت تفصيلها فراجع المبدأ والمعاد للشيخ الرئيس: ٢٢، وكشف المراد: ٢٨٠، والأسفار ٦: ١٢ - ٤٧، وشرح المقاصد ٢: ٥٧ - ٦٠، وشرح المواقف: ٤٦٥ - 470، ورسالة إثبات الواجب للمحقق الدواني، وغيرها من الكتب الكلامية والفلسفية.
وأوثقها هذا البرهان المذكور في المتن المتضمن للسلوك إليه من ناحية الوجود، كما ذهب إليه الحكماء الإلهيين على ما نسبه إليهم الشيخ الرئيس في رسالة الفصول حيث قال - بعد التعرض لمسلك الطبيعيين -: " والإلهيون سلكوا غير هذا المسلك وتوصلوا إلى اثباته من وجوب الوجود ". انتهى كلامه في رسالة الفصول على ما نقل في شوارق الإلهام: 459.
ومن هنا يظهر ضعف كلام من زعم أن الشيخ أول من سلك هذا المنهج، فإن كلامه في رسالة الفصول صريح في أنه تبع غيره من الإلهيين.
نعم أن الشيخ الرئيس أول من وسم الحكماء الإلهيين ب‍ " الصديقين " والبرهان المذكور ب‍ " برهان الصديقين "، حيث قال: " أقول: إن هذا حكم للصديقين الذين يستشهدون به لا عليه ". راجع شرح الإشارات 3: 66.
وقال المحقق الطوسي: " ولما كان طريقة قومه أصدق الوجهين وسمهم بالصديقين، فإن الصديق هو ملازم الصدق "، راجع شرح الإشارات 3: 67.
فالبرهان المذكور هو برهان الصديقين. وقد قرر بوجوه:
منها: ما ذكره المصنف (رحمه الله) هاهنا، وهو ما قرره الحكيم السبزواري في حاشية شرح المنظومة: 146، وحاشية الأسفار 6: 16 - 17.
ومنها: ما ذكره العلامة في كشف المراد: 280.
ومنها: ما ذكره المحقق اللاهيجي في شوارق الإلهام: 494 - 498.
ومنها: ما ذكره صدر المتألهين في الأسفار 6: 14 - 16.
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 194 195 196 197 198 199 ... » »»