الذات، والكلام في هذه الفصول في الصفات الذاتية. فنقول:
قد عرفت أنه (تعالى) هو المبدأ المفيض لكل وجود وكمال وجودي (1)، وقد ثبت في المباحث السابقة (2) أن العلة المفيضة لشئ واجدة لحقيقة ذلك الشئ بنحو أعلى وأشرف، فمعطي الشئ غير فاقد له، فله (سبحانه) اتصاف ما بصفات الكمال كالعلم والقدرة والحياة، فلننظر في أقسام الصفات ونحو اتصافه بها، فنقول:
تنقسم الصفة إلى " ثبوتية " كالعالم والقادر، و " سلبية " تفيد معنى سلبيا، لكنك عرفت آنفا أنه لا يجوز سلب كمال من الكمالات منه (تعالى) لكونه مبدأ كل كمال، فصفاته السلبية ما دل على سلب النقص والحاجة، كمن ليس بجاهل، ومن ليس بعاجز، وما ليس بجوهر، ولما كان النقص والحاجة في معنى سلب الكمال، كانت الصفة السلبية المفيدة لسلب النقص راجعة إلى سلب سلب الكمال وهو إيجاب الكمال، فمعنى " ليس بجاهل ": سلب سلب العلم، ومعناه: إيجاب العلم.
ثم الصفات الثبوتية تنقسم إلى " حقيقية " كالعالم، و " إضافية " كالقادرية والعالمية. وتنقسم الحقيقية إلى " حقيقية محضة " كالحي، و " حقيقية ذات إضافة " كالعالم بالغير.
ولا ريب في زيادة الصفات الإضافية على الذات المتعالية، لأنها معان اعتبارية، وجلت الذات أن تكون مصداقا لها، والصفات السلبية ترجع إلى الثبوتية الحقيقية، فحكمها حكمها.
وأما الصفات الحقيقية - أعم من الحقيقية المحضة والحقيقية ذات الإضافة - ففيها أقوال:
أحدها: أنها عين الذات المتعالية، وكل منها عين الأخرى (3).