فإن الشر ليس هو قدرة القاتل عليه، فإنه كمال له، ولا حدة السيف - مثلا - وصلاحيته للقطع، فإنه كمال فيه، ولا انفعال رقبة المقتول من الضربة، فإنه من كمال البدن، فلا يبقى للشر إلا بطلان حياة المقتول بذلك، وهو أمر عدمي، وعلى هذا القياس في سائر الموارد.
وعن أرسطو: " أن الأقسام خمسة: ما هو خير محض، وما خيره كثير وشره قليل، وما خيره وشره متساويان، وما شره كثير وخيره قليل، وما هو شر محض، وأول الأقسام موجود كالعقول المجردة التي ليس فيها إلا الخير، وكذا القسم الثاني كسائر الموجودات المادية التي فيها خير كثير بالنظر إلى النظام العام، فإن في ترك إيجاده شرا كثيرا، وأما الأقسام الثلاثة الباقية، فهي غير موجودة، أما ما خيره وشره متساويان، فإن في ايجاده ترجيحا بلا مرجح، وأما ما شره كثير وخيره قليل، فإن في إيجاده ترجيح المرجوح على الراجح، وأما ما هو شر محض، فأمره واضح، وبالجملة لم يستند بالذات إلى العلة إلا الخير المحض والخير الكثير، وأما الشر القليل فقد استند إليها بعرض الخير الكثير الذي يلزمه " (1).
الفصل الرابع في صفات الواجب الوجود تعالى ومعنى اتصافه بها تنقسم الصفات الواجبية - بالقسمة الأولية - إلى ما تكفي في ثبوته الذات المتعالية، من غير حاجة إلى فرض أمر خارج، كحياته (تعالى) وعلمه بنفسه، وتسمى: " الصفة الذاتية "، وما لا يتم الاتصاف به إلا مع فرض أمر خارج من الذات، كالخلق والرزق والاحياء، وتسمى: " الصفة الفعلية ".
والصفات الفعلية كثيرة، وهي على كثرتها منتزعة من مقام الفعل، خارجة عن