بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٠٤
وأما القول الرابع، وهو منسوب إلى المعتزلة، فلازم ما فيه من نيابة الذات عن الصفات، خلوها عنها، وهو - كما عرفت - وجود صرف، لا يشذ عنه وجود ولا كمال وجودي، هذا خلف (1).
الفصل الخامس في علمه تعالى قد تقدم أن لكل مجرد عن المادة علما بذاته، لحضور ذاته عند ذاته، وهو علمه بذاته (2).
وتقدم أيضا أن ذاته المتعالية صرف الوجود، الذي لا يحده حد ولا يشذ عنه وجود ولا كمال وجودي (3)، فما في تفاصيل الخلقة من وجود أو كمال وجودي بنظامها الوجودي، فهو موجود عنده بنحو أعلى وأشرف، غير متميز بعضها من بعض، فهو معلوم عنده علما إجماليا في عين الكشف التفصيلي (4).

(1) ومما ذكر يظهر بطلان القولين الآخرين:
أما المنسوب إلى ضرار بن عمرو من أن معنى الصفات الذاتية الثبوتية سلب مقابلاتها، ففيه: سلب الشئ عن ذاته (تعالى) لا يلائم كونه وجود صرف لا يشذ عنه وجود ولا كمال وجودي.
وأما القول بكون الصفات عين الذات وهي مترادفة بمعنى واحد، ففيه - كما قال الحكيم السبزواري -: " انه من باب اشتباه المفهوم بالمصداق " (*). ضرورة أن ذاته (تعالى) مجهولة الكنه لغيره، وهذه الصفات معلومات متغائرة المعنى.
(2) راجع الفصل الحادي عشر من المرحلة الحادية عشرة.
(3) راجع الفصل السابق من هذه المرحلة، والفصل الثالث من المرحلة الرابعة.
(4) بيان ذلك: أنه (تعالى) ظاهر بذاته لكونه مجردا، وكل مجرد عالم بذاته، وذاته علة لجميع ما سواه، والعلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول، فهو (تعالى) كما يوجد الموجودات بوجود واحد يعلمها بعلم واحد، فعلمه (تعالى) بالموجودات علم إجمالي باعتبار وحدة علمه تبعا لوحدة ذلك الوجود، في عين الكشف التفصيلي باعتبار الماهيات اللازمة للموجودات.
- (*) راجع تعليقاته على الأسفار 6: 144 الرقم (2).
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»