بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٢٠٢
وثانيها: أنها زائدة على الذات لازمة لها، فهي قديمة بقدمها (1).
وثالثها: أنها زائدة على الذات حادثة (2).
ورابعها: أن معنى اتصاف الذات بها كون الفعل الصادر منها فعل من تلبس بها، فمعنى كونها عالمة أنها تفعل فعل العالم في إتقانه وإحكامه ودقة جهاته، وهكذا، فالذات نائبة مناب الصفات (3).
والحق هو الأول المنسوب إلى الحكماء، لما عرفت (4) أن ذاته المتعالية مبدأ لكل كمال وجودي، ومبدأ الكمال غير فاقد له، ففي ذاته حقيقة كل كمال يفيض عنه، وهو العينية.
ثم حيث كان كل من صفات كماله عين الذات الواجدة للجميع، فهي أيضا واجدة للجميع وعينها، فصفات كماله مختلفة بحسب المفهوم واحدة بحسب المصداق الذي هو الذات المتعالية.
وقول بعضهم: " إن علة الايجاد مشيئته وإرادته (تعالى) دون ذاته " (5)، كلام

(١) وهذا قول الأشاعرة كما في الملل والنحل ١: ٩٥. ومنهم العلامة التفتازاني في شرح المقاصد ٢: ٧٢، والعلامة الإيجي والمحقق الشريف في شرح المواقف: ٤٧٩ - ٤٨٠.
(٢) وهذا القول منسوب إلى الكرامية. راجع الملل والنحل ١: ١٠٩ - ١١٠، وشرح المقاصد:
٢: ٩٥، وشرح المواقف: ٤٧٦.
(3) وهذا القول منسوب إلى المعتزلة، كما في الفرق بين الفرق: 78.
وفي المقام قولان آخران:
أحدهما: أن معنى إثبات الصفات نفي ما يقابلها، فمعنى إثبات الحياة والعلم والقدرة - مثلا - نفي الموت والجهل والعجز. وهذا القول منسوب إلى ضرار بن عمرو. راجع مقالات الإسلاميين 1: 226 و 2: 159، والملل والنحل 1: 90.
وثانيهما: أن الصفات الذاتية عين الذات، لكنها جميعا بمعنى واحد والألفاظ مترادفة.
وهذا القول نسبه صدر المتألهين إلى كثير من العقلاء المدققين، راجع الأسفار 6: 145.
(4) في بدء الفصل.
(5) هذا ما يظهر من كلام الأشاعرة.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»