بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٩٩
لها (1).
فهو (تعالى) وحده المبدأ الموجد لما سواه، المالك له، المدبر لأمره، فهو رب العالمين، لا رب سواه.
تتمة:
قالت الثنوية: " إن في الوجود خيرا وشرا، وهما متضادان، لا يستندان إلى مبدأ واحد، فهناك مبدءان: مبدأ الخيرات، ومبدأ الشرور " (2).
وعن أفلاطون في دفعه: " أن الشر عدم، والعدم لا يحتاج إلى علة فياضة، بل علته عدم الوجود " (3) وقد بين الصغرى بأمثلة جزئية (4)، كالقتل الذي هو شر مثلا،

(١) أي مقومة لآثاره.
(٢) اعلم أن البحث عن انتفاء الشريك عن الباري يقع في جهات:
الجهة الأولى: انتفاء الشريك عن (الله) تعالى في الوجوب الذاتي، وهي ما مر في الفصل السابق.
الجهة الثانية: انتفاء الشريك عن (الله) تعالى في استحقاق العبودية. وهي خارجة عما يبحث عنه في هذا الفصل.
الجهة الثالثة: انتفاء الشريك عنه في الربوبية والمدبرية والخالقية. وهي المبحوث عنها في هذا الفصل. وخالفنا في هذه الجهة الثنوية، لا الوثنية كما زعمه المصنف في نهاية الحكمة: ٣٤٢.
قال في شرح المواقف: " واعلم أنه لا مخالف في هذه المسألة إلا الثنوية دون الوثنية، فإنهم لا يقولون بوجود إلهين واجبي الوجود، ولا يصفون الأوثان بصفات الإلهية، وإن أطلقوا عليها اسم الآلهة، بل اتخذوها على أنها تماثيل الأنبياء أو الزهاد أو الملائكة أو الكواكب واستغلوا بتعظيمها على وجه العبادة توصلا بها إلى ما هو إله حقيقة. وأما الثنوية فإنهم قالوا:
نجد في العالم خيرا كثيرا وشرا كثيرا، وأن الواحد لا يكون خيرا شريرا بالضرورة، فلكل منهما فاعل على حدة، فالمانوية والديصانية من الثنوية قالوا: فاعل الخير هو النور وفاعل الشر هو الظلمة... والمجوس منهم ذهبوا إلى أن فاعل الخير هو (يزدان) وفاعل الشر هو (أهرمن) ويعنون به الشيطان ". راجع شرح المواقف: ٤٧٩.
(3) انتهى كلام أفلاطون على ما نسب إليه في شرح المنظومة: 154 - 155.
(4) راجع شرح الإشارات 3: 320 - 321، وكشف المراد: 30.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»