بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٩٦
الفصل الثاني في إثبات وحدانيته تعالى كون واجب الوجود (تعالى) حقيقة الوجود الصرف التي لا ثاني لها، يثبت وحدانيته (تعالى) بالوحدة الحقة التي يستحيل معها فرض التكثر فيها، إذ كل ما فرض ثانيا لها عاد أولا، لعدم الميز، بخلاف الوحدة العددية التي إذا فرض معها ثان عاد مع الأول اثنين، وهكذا (1).
حجة أخرى:
لو كان هناك واجبان فصاعدا، امتاز أحدهما من الآخر بعد اشتراكهما في وجوب الوجود، وما به الامتياز غير ما به الاشتراك بالضرورة، ولازمه تركب ذاتهما مما به الاشتراك وما به الامتياز، ولازم التركب الحاجة إلى الأجزاء، وهي تنافي الوجوب الذاتي الذي هو مناط الغنى الصرف (2).
تتمة:
أورد ابن كمونة (3) على هذه الحجة: أنه لم لا يجوز أن يكون هناك هويتان

(١) ولعل هذا البرهان هو مراد الشيخ في التعليقات، حيث قال: " وجود الواجب عين هويته، فكونه موجودا عين كونه هو، فلا يوجد وجود الواجب لذاته لغيره "، راجع التعليقات: ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) هذا البرهان هو ما استدل به المشهور، كما في الأسفار ٦: ٥٧، والمباحث المشرقية ٢: ٤٥١ - ٤٥٤.
(٣) والأولى أن يقال: " أورد عليه الشبهة المنسوبة إلى ابن كمونة " - كما صنعه في نهاية الحكمة: ٣٣٩ -. لأن ابن كمونة ليس أول من اعتراه هذه الشبهة، بل هو مقررها بأتم وجه، فاشتهرت باسمه ونسب إليه.
قال السيد الداماد: " وهذا الإعضال معزي على ألسن هؤلاء المحدثة إلى رجل من المتفلسفين المحدثين يعرف بابن كمونة. وليس أول من اعتراه هذا الشك، كيف؟ والأقدمون كالعاقبين قد وكدوا الفصية عنه وبذلوا جهودهم في سبيل ذلك قرونا ودهورا ". إنتهى كلامه في التقديسات نقلا عن بعض محشي شوارق الإلهام 1: 125 ط الفارابي، وشرح الأسماء للحكيم السبزواري: 373.
وقال صدر المتألهين: " ما ينسب إلى ابن كمونة وقد سماه بعضهم بافتخار الشياطين لاشتهاره بابداء هذه الشبهة العويصة والعقدة العسيرة الحل، فإني قد وجدت هذه الشبهة في كلام غيره ممن تقدمه زمانا "، راجع الأسفار 1: 132. ومراده من قوله: " ممن تقدمه زمانا " هو الشيخ الإشراقي كما صرح به في الأسفار 6: 63. وراجع كلام الشيخ الإشراقي في المطارحات: 395.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»