ويتعذر معرفة هذه الذات أيضا من حيث عدم العلم بما انطوت عليه من الأمور الكامنة في غيب كنهها التي لا يمكن تعينها وظهورها دفعة - بل بالتدريج - فان للوجود الإلهي والحكم الجمعي الذاتي بحسب ظهوره لكل عين وبحسب تعين ظهوره في مرتبة كل كون على نحو ما سبق التنبيه عليه تجليا خاصا وسرا لا يمكن معرفته مطلقا الا بعد الوقوع، حتى أن معرفة حال العين التي عرض لها الوجود الإلهي وانسحب عليها الحكم الجمعي المذكور قبل انصباغها بالنور الوجودي وقبل معرفة الوجود والحكم المنبه عليه بالنسبة إلى عين أخرى، لا يكفي في تمام المعرفة بها - معرفة ما أشرت إليه - دون حصول الاجتماع التوجهي الاسمائي والقبول الكوني العيني بالفعل وادراكه ظاهرا، فان الامر كما قلنا ظاهر بنسبة الاجتماع، وحكمه الظاهر من حيث الجملة والعموم من الطلب الكامن في الحضرتين، ومن حيث التفصيل والخصوص من التعينات الخاصة المستجنة في غيب ذات الحق سبحانه، الكامنة عن أعيان خاصة، والظاهرة لأعيان خاصة، والمتعين بذلك أمر جزئي، وسألمع ببعض اسراره فيما بعد إن شاء الله.
والامر في ذلك عبارة عن جمعية أو تأليف، فاما معنوي كاجتماع حقائق مفردة ومعان مجردة، واما صوري مادي أو شبيه به، فالشبيه بالمادي هو اجتماع الأرواح النورية من حيث قواها وتوجهاتها، ومن حيث مظاهرها المثالية التي تترا أي بها أيضا، وذلك لتوليد الصور العلوية والأجسام البسيطة، والمادي ما بعد ذلك وثمرته اظهار الصور الطبيعية المركبة، وكلها في الأصل والتحقيق تابع لاجتماع غيبي معنوي شبيه من وجه بالتركيب.
فكل اجتماع على هذا الوجه عند المحقق تركيب، ولكل تركيب صورة هي ثمرة ذلك التركيب، ويلازم الصورة حكم تنفرد به - وان شاركها غيرها في بعض نسب