بالتأثير من حيث الحال والزمان والموطن والمرتبة ونحو ذلك، واندراج قوة الا ضعف من كل ذلك تحت الأقوى في وقت قوته وسلطانه، والسلطنة السريعة الزوال والبطيئة ومديتهما، ومن أي وجه ينسب التغير والتجدد إلى ذلك، ومن ايه وصف بالدوام ويعرف أيضا نسبة وقته من أزمنة أرباب السلطنتين المذكورتين، ويعرف الوقت والحال اللذين يترجح فيهما حالة الحجاب على الحال الشهودي والاطلاع، ومتى يكون الحجاب موجبا للحرص ومزيد التشوف من المؤهل للكمال؟ ومتى لا يكون، هذا إلى غير ذلك من الاسرار التي يطول ذكر مقاماتها وأصولها اجمالا، فما الظن بالتفصيل؟
فمتى علم الانسان ذلك بذوق صحيح وكشف صريح وتحقق بما اقتضاه استعداده من الكمال الذي أهل له ويسر له تحصيله بوجه كلي أو تفصيلي موقت لاستحالة غير ذلك، غلب عليه الحضور في أحواله كلها أو أكثرها - سيما أوائلها وأواخرها - على الوجه الذي سلف ذكره في سر الحضور وصار مراعيا للخواطر الأول، ولكل أول في اخر واخر في أول، عارفا باحكامها، عاملا بمقتضاها بميزان صحيح، موفيا كل ذي حق حقه، موصلا بالميزان الإلهي من اسمه العدل واسميه المقدر والمقسط قسطه، كان انسانا كاملا بنفسه بصيرا، فان ازداد معرفة تفصيلية واستيعابا للأسماء الإلهية كلها والصفات، وتحقق بها فعلا وانفعالا بحيث لا تحجبه نشأة ولا موطن ولا تحجر عليه مرتبة ولا تقيده حال ولا مقام ولا غيرهما، صار حينئذ مرتقيا في درجات الأكملية.
فإذا انتهى به الامر إلى التمكن من تكميل من شاء واتحدت ارادته بالإرادة الأولى الأصلية التي عليها مدار حال الصورة الكلية والوجودية الظاهرة ومعناها القائم بها بحيث ان لا يقع في الوجود الا ما يريد عقله، وان كره بعض ذلك طبعا أو شرع ويقتضيه مقام معرفته، كان السيد الأشرف الأفضل والامام الأعظم الأتم الأكمل والواصلون إلى هذه الرتبة المكينة هم المنتفعون بانسانيتهم ونشأتهم الانتفاع التام المحمود واما من سواهم فبحسب قرب نسبتهم من هؤلاء وبعدهم، جعلنا الله ممن أنعم