مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١١٢
الموصوف بها، وذلك لشرف مرتبة أوليته في حضرة الحق وقوتها، المعبر عنها بقدم الصدق والعناية ونحوهما، فان تهيأ له بموجب العناية المذكورة مع ذلك تناسب أحوال ما يمر عليه وتناسب احكام الحضرات الروحانية والمقامات الفلكية أيضا بحيث يكون توجهات الأرواح والقوى السماوية إلى ذلك السر توجها معتدلا متناسبا سالما من حكمي الافراط والتفريط، فان الشخص الذي يكون صورة ذلك السر ومظهره يصير من المجذوبين وممن لا يحوج إلى كثير من الأعمال والرياضات الشاقة - كالنبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ومن شاء الله من العترة والأولياء -.
وقسم ثان يكون نسبة هذه الكيفيات المنبه عليها إلى صاحبها نسبة الاعراض الثابتة والصفات الذاتية لغلبة حكم الاسم الرب على ذلك الامر حين السريان، بخلاف الأول، ويكون لمرتبة أوليته في حضرة الحق شرف باذخ (1) وسلطان قوى، وفي الأحوال والأحكام المذكورة تناسب ما، فان هذا القسم إذا ساعده الوقت الإلهي والحكم التقديري ربما صار صاحبه من الكمل أيضا، والا فمن المتوسطين، لكن بعد جهد كثير ورياضات متعبة إن شاء الله.
وقسم ثالث تترسخ فيه احكام الملابس والكيفيات، ويكون في مبدأ تعين مرتبته في حضرة الحق غير منصبغ بحكم العناية بالتفسير المذكور آنفا وفيما بعد عند ذكر سر غاية كل موجود ومنتهاه، فان تلقيه وانصباغه باحكام ما يمر عليه من الحضرات يكون تلقيا غير تام.
وورود تلك الأحكام عليه أيضا من الأرواح والأفلاك ورودا غير مناسب، فان الوقت لا يساعده على السلوك ويضعف سعيه في التطهير من تلك الصفات الحاجبة والعوارض التي لا توافق، فيصير الشخص من المحجوبين والأشقياء، الخارجين عن دائرة أهل

(1) - أي: عال.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست