وهذه المصادمة المشار إليها ملاقاة تتحصل بين الأرواح في مرتبة جزئية من المراتب المتفرعة عن حضرة الجمع والوجود - بحسب مقام روح المتكلم - أو الأرواح التي يقع بينها المخاطبة، والفهم يحصل لبعضها من البعض بمعاينة كل منها بعض ما في نفس الاخر - بموجب ما بينها من المناسبة المثبتة للاشتراك - الرافعة حكم المستلزم، للستر والامتياز، فان المحوج للمخاطبة هو غلبة حكم المباينة التي بين المتخاطبين، الحاجبة كلا منهما عن شهود ما انطوى عليه الاخر، فاحتيج في توصيل ما في نفس المتكلم إلى المخاطب مما خفى ادراكه عليه من نفس المخاطب إلى استعمال أدوات يقع بها التفهيم ويتأتى التوصيل، ويقوى حكم ما به الاشتراك والاتحاد، فيرفع الحجاب الذي أوجبه حكم ما به الكثرة والمباينة والامتياز. ويقل الأدوات المستعملة في التوصيل، وتكثر بحسب القرب والبعد الحاكمين على محل المخاطب والمخاطب - بموجب قوة المناسبة أو المباينة على ما مر -.
ثم اعلم أنه كما كانت الحروف والكلمات الذهنية مظاهر للحروف العلمية، والكلمات اللفظية النطقية مظاهر للذهنية، كذلك كانت الحروف والكلمات الرقمية أو ما يقوم مقامها، مظاهر للألفاظ النطقية الحسية من وجه.
فمن عرف ان مرتبة الامكان بما حوته من الممكنات هي الغيب الإضافي بالنسبة إلى غيب الذات المطلق، ولها - أي المرتبة الامكان - الظلمة، والممكنات تتعين في نور الوجود العام الذي هو صورة غيب الذات الذي لا يعلم ولا يسمى ولا يشهد شهود إحاطة ولا يوصف - كما سبق التنبيه عليه - وان احكام الممكنات تتصل من بعضها بالبعض، وتظهر بالحق، وفيه من كونه نورا ووجودا - كما بينا - وهو سبحانه لا يتقيد ولا يتميز، وعرف أيضا ان صور الموجودات من يحث التفصيل هي مظاهر نسب علمه