قولي: فيم وجد؟
اما من جهة الحق بالوجه الكلى، فإنه وجد كما قلنا في دائرة الحضرة العمائية، واما من حيث خصوصية كل موجود فإنه وجد في مرتبته الخاصة به من حيث نسبتها إلى العماء فان العماء من جملة خصائصه الإحاطة بجميع المراتب الكونية والحضرة الإلهية، والايجاد المذكور يحصل من حيثية الاسم الظاهر والنور والخالق وأخواتهم من الأسماء الكلية، لكن بحسب الشأن الذاتي الإلهي الذي تعينت فيه صور معلومية ما قصد الحق ايجاده - انسانا كان أو غيره - وذلك الشأن هو الاسم الذي يستند إليه من وجد بحكم تعينه، وبين كل اسم ذكرنا والاسم الاخر فروق شتى - وان توهم ثبوت المثلية - فافهم.
قولي: كيف وجد؟
الكيفيات لا تنجلى ولكن تستجلى في المراتب، في كل مرتبة بحسب نسبة الناظر المرتبة حال النظر والشهود، وبحسب حظه من تلك المرتبة ومقتضى حكمها فيه، فإن كان مشهده التنوع فحسب، فهو منتقل في احكام نسب المرتبة ووجوهها ورقائها، وان انضاف إلى مشاهدته التنوع ادراكه للأحدية التي ترجع إليها احكام تلك الكثرة النسبية ويراها منبعا لتلك الأحكام ومحتدا للوجوه المنسوبة إلى المرتبة والمقام - أحدية أي كثر كانت - فحينئذ يعلم أن قد تم له الادراك لتلك المرتبة مثلا أو المقام كيف قلت.
ومراتب الاستجلاء المشار إليه في سر الكيفية من حضرة الجمع والوجود إلى الق إلى العرش، إلى السماوات إلى العناصر إلى المولدات الثلاث إلى حين تكون النطفة وقوعها في الرحم، هكذا على الترتيب المعلوم في تكوين الانسان ظاهرا عند العلماء به، هذا سر جليل يحتاج إلى مزيد بسط وتفصيله يطول، ولكني أذكر منه هنا ما ييسر الحق ذكره من بعض ما علمته واطلعت عليه.
فأقول: اعلم أن للانسان من حين قبوله لأول صورة وجودية حيث لا حيث ولا حين بل حال مفارقته بالنسبة والإضافة مرتبة تعينه بالحضرة العلمية الإلهية الأزلية