مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ١٠٦
فإذا وصل إلى الحضرة الإلهية الذاتية دون قطع مسافة من الحيثية المذكورة والطريق المشار إليه، لا يبقى معه الا السر الإلهي خاصة، الحاصل والثابت له في أول التوجه الإلهي إليه، وإذا انتهى حكم هذا المعراج وبلغ الغاية التي قدر له الوصول إليها وأهل لنيلها بحسب هذا السير والمعراج من الوجه المذكور، وشاء الحق رجوعه إلى عالم الشهادة لتكميل غيره أو نفسه أو الامرين معا، عاد يتركب بعد الفتح تركيبا معنويا يناسب تحليله، ثم ينحل جملة تركيبه بالموت المعلوم حتى تنشأ النشأة الأخراوية.
فالكامل ينتهى بكامل نشأته في أول يوم أو ساعة من سنة أربعين أو سنة إحدى وأربعين من سنى عمره، وقد ينتهى قبل ذلك إلى درجة هي كمال نسبى، بمعنى انه ينتهى إلى أمر هو كمال نشأته أو نشآت اخر غير نشأته على ما ذكر وبالنسبة إلى من دونه، فاما كمال نشأته واستوائه، ففي رأس الأربعين أو الحادي والأربعين كما ذكر، وسيره على أنواع: فمنه سير روحاني لا في صورة فلكية، وهو حال كونه مدرجا في الامر الوارد من حضرة غيب الذات إلى الحضرة العمائية، إلى مقام القلم الاعلى، إلى اللوح، إلى مرتبة الطبيعة من حيث ظهور حكمها في الأجسام عند بعض أهل الذوق، فيتصل بعالم المثال الذي يتعين فيه مظاهر الأرواح، وهو العالم المتوسطة، مرتبته بين عالم الأرواح وعالم الأجسام المحسوسة، وقد سبق التنبيه عليه عند ذكر المراتب الكلية الوجودية، وأولها عالم المعاني ثم عالم الأرواح ثم عالم المثال المذكور ثم عالم الحس الظاهر، وفي الانسان يجتمع هذه الأربعة المذكورة، فاعلم ذلك.
ثم ينزل إلى الهيولي الكل ثم إلى مرتبة الجسم الكل الذي تعين فيه العرش المحيط، والانسان إلى هنا يكون مولودا عن النكاح الأول والثاني - وقد مر حديثهما - ثم يندرج في الامر الإلهي - اندراج الجزء في الكل - من العرش إلى الكرسي، ثم يسرى في السماوات كلها، ومكث اندراجه وصحبته للامر النازل في السماوات العلى و
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست