محجوبا، لان اعتبار كون الشئ حجابا مغاير لاعتبار كونه محجوبا، فلم يكن الحق إذا واحدا من كل وجه، وهو واحد من جميع الوجوه بلا شك، هذا خلف، ولأنه لو صح ذلك لم يكن عالما بنفسه ومدركا لها من كل وجه، لان التقدير: ان هذا أمر يقتضيه سبحانه لذاته أزلا، مع قطع النظر عن كل ممكن، فلم يبق الا ان يقال: إنه حكم الهى، ظهوره متوقف على الممكنات.
فنقول: فهذا الحكم الذي ظهر بالممكن اما ان يرجع إلى الحق أو إلى الممكن، لا جائز ان يرجع إلى الحق سبحانه، والا لعاد إليه تعالى من الممكن به سبحانه، أو (1) بالممكن حكم (2) لم يقتضه لذاته أزلا من حيث هو، فيكون هذا اثرا من الممكن في الحق تعالى أو متوقفا عليه، ويلزم منه أيضا ان يكون سبحانه محلا للحوادث، وكل ذلك محال، ومعلوم انه ما ثم أمر ثالث غير الحق سبحانه تعالى، والممكنات ينسب إليه هذا الحكم، ولا يمكن انكاره لشهود اثره، فهو اذن حكم من بعض الممكنات اقتضته خصوصية ظهر (3) في البعض بالحق سبحانه لا فيه، وهكذا الامر (4) في كل ما ينسب إلى الحق تعالى من اسم وصفة ينظر فيه، فان جازت اضافته إليه فهو أمر اقتضاه لذاته أزلا، لكنه ما ظهر حكمه للممكن الا فيما بعد، وإن كان مما لا يجوز ان يكون سبحانه من حيث ذاته يقتضيه، فهو أمر اقتضاه بعض الممكنات في بعضها، لكن ظهر بالحق (5) سبحانه، فحدث العلم للممكن وحدث ظهوره وتحققه لنفسه، ولمثله لم يحدث ثبوت الحكم للحق أو للممكن، بل ما هو للحق هو له أزلا، و كذلك ما للممكن، فالمعرفة بالأحكام والصفات والنسب والمراتب وظهورها للممكنات هي الحادثة بحدوث الممكنات، لا لثبوتها أو انتفائها لمن هي ثابتة له أو منتفية عنه، فاعلم ذلك وتدبر ما ذكر لك، تحظ (6) بعلم عزيز جدا. والله الهادي.