مفتاح الغيب - أبي المعالي القونوي - الصفحة ٧٤
أحوالا أو مراتب قد سمع بها أو عرفها من بعض وجوهها ونسبها، وعرف لذلك المطلوب كان ما كان فوائد جمة وثمرات يحصل جميعها لمن حصل له ذلك المطلوب من حال أو مقام أو غيرهما مما ذكرنا، وكل ذلك أو بعضه عند الطالب مما يقتضى السعادة أو يوجب نيل المقاصد والفوائد العظيمة الجدوى - دنيا وآخرة - وحاصله نيل ما يلائم الروح أو المزاج أو المجموع على الوجه الأتم عند الطالب وعلى الدوام، أو إزالة ما يلائم الروح أو المزاج أو المجموع بالكلية من غير تصور العود أو امكانه، فيسعى الطالب حينئذ في طلب ذلك المراد أو يطلب كما قلنا اعدام أمر موجود فيه أو عنده أو بعيد عنه من وجه - سواء كان البعد معنويا أو محسوسا ظاهرا - وفي الجملة: فإزالة الحاصل حال الحصول أمر غير موجود أيضا، فصح ان متعلق المحبة أمر معدوم عند الطالب وبالنسبة إليه حين الطلب.
ثم المطالب على أقسام كثيرة مندرجة في أصلين: أحدهما كوني والاخر رباني، فالكوني يشتمل على ضروب: منها: طبيعية عنصرية ومنها: طبيعية غير عنصرية، وقد علمت الفرق بين هذين الضربين. ومنها روحانية متلبسة بصورة وغير متلبسة ومعان مجردة داخلة في مرتبة الامكان، والأصل الرباني يشتمل على تعينات وجودية في مظاهر وتعينات أسمائية غيبية كلية اجمالية.
واعلم أنه لا يطلب شئ غيره دون مناسبة جامعة بينهما - هذا محال كشفا - والمناسبة عبارة عن كل أمر جامع بين شيئين أو أشياء تتماثل في الاتصاف باحكامه وقبول اثاره، و تشترك فيه اشتراكا يوجب رفع التعدد من بينها (1) والامتياز، لا مطلقا، بل من جهة ما يضاهى به كل منها ذلك الامر الجامع وما فيها منه، والامر الجامع حكمه أيضا من الوجه الذي يتحد به الأشياء فلا يمتاز عنه حكمها، يثبت له وينتفى عنه ما يثبت له،

(1) - أي الامر الجامع - ش - بينهما - ج
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست