الدين لم يبين من هو القائم مقام رسول الله بعد وفاته ولا بين طريقة تنصيبه واختياره، ولا أسلوب انتقال الإمامة من إمام إلى آخر، فإن هذا لا يتفق مع كمال الدين ولا مع تمام النعمة! ولو جارينا القوم فقلنا بوجود إجماع، ومبدأ الإجماع مبدأ إسلامي، وقد تولى الإجماع بيان الإمام وبيان طريقة تنصيبه واختياره، وأسلوب انتقال الإمامة من إمام إلى آخر ووضع القواعد اللازمة لذلك كله. وهذا يعني أن الإسلام كان خاليا " من هذه القواعد ومفتقرا " إليها فجاء الإجماع ليضع قواعد دينية لم تكن موجودة أو لسيد نقصا "! مع أن الدين كامل قبل الإجماع، والنعمة تامة وجاهزة ليتمتع المسلمون بها.
9 - ثم إن الإسلام قد بين الأمور الأقل أهمية، فبين للناس كيف يتبولون، وكيف يتغوطون، وكيف يساكنون أزواجهم وكيف يطرحون السلام، فهل يعقل أن يبين الإسلام ونبي الإسلام غير المهم أو المهم ويترك الأهم!؟ خاصة وأن جميع الفتن والحروب بين المسلمين ناتجة عن الاختلاف على من يتولى الرئاسة من بعد النبي.
وهذا كله يعني أن نظرية (أن رسول الله قد ترك أمته ولا راعي لها من بعده، وأنه لم يبين الإمام من بعده، ولا بين طريقة تعيينه، ولا أسلوب انتقال منصب الإمام من إمام لآخر) ساقطة في جميع الموازين العلمية والعقلية والمنطقية، وليت شيع أهل السنة قالت بأن الرسول قد أوصى بالخلافة لأبي بكر، أو لمعاوية أو لأي رجل آخر، لكان أخف وطأة على النفس من قولهم إن رسول الله ترك أمته ولا راعي لها من بعده وأنه لم يبين الأئمة، أو لم يحدد طريقة اختيارهم، ولا أسلوب انتقال الإمامة من إمام لآخر.
الخلاف الجوهري قلنا إن الخلاف الجوهري، بين خلفاء الدولة التاريخية الإسلامية، وشيعهم، أهل السنة من جهة، وبين أهل بيت النبوة وشيعتهم من جهة أخرى، ينحصر في نقطتين: أولاهما أن خلفاء الدولة التاريخية وأشياعهم يصرون على القول أن رسول الله قد انتقل إلى جوار ربه، ولم يعين من يخلفه، ولا حدد الخلفاء من بعده، ولا بين طريقة تعيينهم وانتخابهم ولا بين الأسلوب الذي تنتقل فيه