وهذه مؤهلات لا بد من توافرها في الإمام القائم مقام النبي حتى يكون أهلا " لهذا المقام، وجديرا " بالطاعة، لأن طاعته كطاعة الرسول، وولايته كولاية الرسول، وطاعة الرسول وولايته كولاية الله وطاعته، وكيف يكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم إذا لم يتصف بهذه الصفات أو تكون له هذه المؤهلات.
أما خلفاء الدولة التاريخية وشيعهم أهل السنة فيرون أن هذه الصفات والمؤهلات مثالية، وليتها تتوافر في الخليفة أو الإمام من بعد النبي، ولكن إن توافرت في شخص معين، واقتضت المصلحة أن يتقدم عليه من هو أقل منه علما " وفضلا "، فيقدم في هذه الحالة المفضول على الأفضل! ابتغاء لتحقيق المصلحة الشرعية! ولكنهم لا يبينون لنا من هو هذا الذي يحدد المصلحة الشرعية! ومن الذي يقرر تقديم المفضول على الأفضل. نظريا " الأمة هي التي تفعل ذلك برأيهم، وعمليا " لم يرو لنا راو قط أن الأمة قد اجتمعت عن بكرة أبيها على صعيد واحد في أي يوم من الأيام، وقالت: إن هذا مفضول وذلك أفضل، وأن المصلحة الفلانية تقتضي أن يقدم هذا المفضول على ذلك الأفضل.
وعمليا "، فإن الخليفة المتغلب هو وحده الذي يقرر من يتولى الخلافة من بعده، بغض النظر عن الصفات أو المؤهلات، وله أن يقدم أو يؤخر من دون تعليل أو بتعليل.
لقد حاول فقهاء الدولة التاريخية أن يضعوا مؤهلات الخليفة القائم مقام الرسول وصفاته، وانتهت محاولاتهم إلى وضع شروط فضفاضة تنطبق على كل من تلفظ بالشهادتين، فقالوا أنه يتوجب أن يكون الخليفة مسلما " وذكرا " وبالغا " وعاقلا "... الخ مع العلم بأنه لا توجد مؤسسة أو هيئة أو شخص مخول بالتأكد من توافر هذه الصفات في هذا الشخص أو ذاك، والخليفة المتغلب القابض على مقاليد الأمور هو وحده الذي يقوم بهذا الدور!
وقد توالت على منصب الخلافة تاريخيا " تشكيلة عجيبة من الأشخاص من أهل التقوى والصلاح ومن أهل الفجور والفساد، فمن الفئة الأخيرة من لعن أهل بيت النبوة واستباح دماء الناس وأموالهم وهدم الكعبة، وختم أعناق الصحابة،