وعطل الحدود وضيع الحقوق وقتل أولاد النبي، وسبى بناته ولكن هذه الجرائم وغيرها مما هو أكبر، لم تمنعه من القول بأنه خليفة النبي والقائم مقامه، ولم تمنع الشيع الإسلامية من الاعتراف له بذلك ومن أداء جميع الحقوق التي رتبها الشرع لخليفة النبي الشرعي القائم مقامه.
فلا ترى الأكثرية الساحقة من شيع أهل السنة عجبا " ولا تستغرب أن يكون الخليفة، القائم مقام الرسول في أمور الدنيا والآخرة، ظالما "، أو فاسقا "، أو معطلا " للحدود، أو مضيعا " للحقوق، أو غاصبا " للأموال، أو ضاربا " للأبشار، أو متناولا " للنفوس المحرمة أو ممارسا " لأي رذيلة! فهذه أمور طبيعية ومن مقتضيات الملك لا توجب خلع الخليفة لأنه قائم مقام الرسول، ولا توجب عدم طاعته أو الخروج عليه، ويجب وعظه وتخويفه. وهكذا تنقلب الآية وتتحول الرعية إلى واعظة لإمامها بعد أن كانت (موعوضة).
قال النووي، في شرحه بيان لزوم طاعة الأمراء: (قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحدود ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك بل يجب وعظه وتخويفه، وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين...) وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق (1).
قال القاضي أبو بكر الباقلاني: قال الجمهور، من أهل الإثبات وأصحاب الحديث: (لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال، وضرب الأبشار، وتناول النفوس المحرمة وتضييع الحقوق، وتعطيل الحدود ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه فالأخبار متضافرة عن النبي وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة) (2).
فالعبرة أن يغلب الرجل ويصبح خليفة، فإذا غلبت بالقوة والقهر أو بأي طريقة من الطرق وصار خليفة، فهو مؤهل للخلافة، وصفاتها متوفرة فيه ضمنا "،