مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٧١
دون أن يفتش الرسول عما في قلبه. ولما استولت البطون على منصب الخلافة تحول هذا المال إلى سلاح جبار بيدها فتوغلت إلى ضمائر الأفراد ونفوسهم فصار من واجب المسلم أن يثبت ولاءه لها وأن يثبت نفوره من أعدائها، وعلى رأسهم أهل بيت النبوة ومن يتشيع لهم أو يتعاطف مع قضيتهم، وأن يلتزم ببرنامجهما ومنها جهما التربوي والتعليمي، فإن فعل ذلك يأخذ رزقه وعطاءه ويأخذ نصيبه من المغانم والمكاسب. وإن لم يفعل ذلك فلا رزق له ولا عطاء ولا نصيب، ويوضع في قائمة المشبوهين الذين يريدون تفريق الجماعة وشق عصا الطاعة، ومن الطامعين بغصب الأمر من الأمة وإيقاظ الفتنة من نومتها، وجزاؤهم على المستوى الاقتصادي أن يموتوا جوعا " وحرمانا "، وعلى المستوى الديني أن يموتوا ميتة جاهلية. وقد تعجل دولة البطون بمنية بعضهم فتقتله إذا أو جست منه خطرا " كما قتلت سعد بن عبادة، والحسن بن علي وحجر بن عدي، وعمرو بن الحمق وهم من أجلاء الصحابة وغيرهم!
في هذا المناخ، وبهذه الطرق، رعت دولة البطون منهاجها التربوي والتعليمي وغرسته في النفوس خلال مدة تزيد على مئة عام! وماتت الأجيال التي عرفت الحقيقة وشهدت عصر التحول الأعظم، وجاءت أجيال جديدة، فوجدت كل شئ جاهزا " ومكتوبا "، ووجدت كامل المنهاج فتقبلتها بقبول حسن، واعتبرتها ثمرة إجماع الأكثرية الساحقة من الأمة، واعتبرتها عين الدين الذي جاء به محمد رسول الله! فصار تمسكها بالمنهاج التربوي والتعليمي لدولة البطون رمزا " لتمسكها بالدين! ولو عرفت بطلان هذا المنهاج، وظروف فرضه وأيلولته إليهم لما تمسكت به، ولكنها تجهل كل ذلك. ومن هنا تعاملت مع هذا المنهاج وثمراته تعاملها مع حقائق دينية لا تقبل التبديل أو التغيير أو المناقشة! أو على أنها عبادات لا تعلل!
وبمعنى آخر، إن دولة البطون فرضت منهاجها التربوي والتعليمي بقوة الدولة وإمكانياتها الهائلة، ووثقت هذا المنهاج بالأسلوب نفسه. وبعد موت الذين شهدوا حالة التحول الكبرى جاءت الأجيال اللاحقة واعتبرت هذا المنهاج ثمرة رضى الأغلبية الساحقة من الأمة وإجماعها فتمسكت بوصفه الحق المبين والدين الذي جاء به سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم. واقتصر دور أهل القرون اللاحقة على تمجيد
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257