العرب، ودخلت مع النبي وشيعته في حرب مسلحة ضروس استمرت زهاء ثماني سنين. ثم هزمت شيع البطون، وفوجئت قيادة هذه الشيع بجيش النبي يدخل عاصمتها دخول الفاتحين، فاستسلمت، وعندما رأت جميع الأبواب مغلقة في وجهها أسلمت كارهة. وباستسلامها وإسلامها استسلمت وأسلمت شيع العرب المتحالفة معها ولم ينقب النبي الكريم عن ما في القلوب وإنما اكتفى بالظواهر، ولم يعاقب شيع العرب عامة وشيع البطون خاصة على جرائمهم السابقة وإنما عفا عنهم قائلا ": (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، ووسعهم بحلمه وقلبه الكبير وسماحته، ولاح لغير المتبصر أن شيع العرب قد تفككت وتبعثرت وانتهت بالفصل، ولم يتصور العامة أن شيع العرب في حالة الهدوء الذي يسبق العاصفة، وأن شيع العرب سرعان ما تعود إلى ممارسة الدور التاريخي الذي مارسته شيع الأمم السابقة!
عودة الشيع العربية، ولكن بعمائم الإسلام قبيل وفاة النبي الكريم بأشهر، كان المجتمع الإسلامي مجتمعا " واحدا " في الظاهر. يوالي النبي، ويعلن التزامه بأحكام الدين، ولكن بذور مجموعة هائلة من الأخطار والكوارث كانت قد نبتت وترعرعت واشتد ساعدها بعيدا " عن الأنظار وتحت السطح تماما ":
1 - فالمنافقون الذين مردوا على النفاق يجوبون العاصمة، وقد أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر والحقد على محمد وآله.
2 - وقسم كبير من الأعراب، من حول المدينة، منافقون لم تتوقف اتصالاتهم قط مع مردة النفاق في المدينة.
3 - يليهم مرتزقة من الأعراب لا يعرفون من الدين إلا اسمه ولا مطمع لهم إلا الكسب والغنيمة، وهم على استعداد للتحالف مع من يدفع لهم حتى ولو كان الشيطان نفسه.
ولا تتوقف هذه الفئات عن التلفظ بالشهادتين والقيام بمظاهر الدين، ولا يعرف الفوارق بينهم وبين غيرهم من المسلمين إلا من عمر الله قلبه بالإيمان.