كما روى ذلك ابن حنبل وابن حيان في صحيحه والحاكم (1). والأهم من ذلك أن رسول الله كشف الانقلابيين وسمى قادة الفتن من بعد وفاته وحتى قيام الساعة، كما روى حذيفة برواية ابن أبي شيبة وأبي نعيم (2). وأعلن النبي أنه في حالة نجاح المؤامرة فإن النفاق سيظهر، وترتفع الأمانة وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين (3). وسيبتلى المؤمنون حتى أن المؤمن لا يستطيع أن يصلي إلا سرا " (4).
ومع هذا فإذا صلى المؤمن وحده يصلي وهو خائف (5) وأن الإسلام سيعود غريبا " (6).
وسيكون هنا لك كفر بعد إيمان (7). وإذا نجحت المؤامرة فإن قيادة الأمة ستؤول إلى أشد الناس بغضا " لمحمد وآل محمد (8) وأنهم سيفتكون بآل محمد فتكا " ذريعا ".
وبالإيجاز، فإن الرسول الله لم يترك أمرا " سيفعله المتآمرون، إن نجحوا في مؤامرتهم، إلا وبينة وكشفه للأمة. لقد استبق رسول الله الأفعال قبل وقوعها وحذر الأمة منها، لقد تركهم على المحجة البيضاء، وهذا أقصى ما يستطيع الوالد أن يفعله لأولاده والولي لمواليه والقائد لأتباعه. إنه يكشف لهم بدقة المناطق الملغومة، ويقسم لهم بأغلظ الأيمان أنه قد حدد المنطقة الملغومة وشاهد بأم عينيه كافة الألغام، وأنه مشفق وحريص ومحب لذلك كله حذرهم، ولكن ليس بوسعه إجبارهم على تجنب المنطقة الملغومة أو على الابتعاد عن تلك الألغام. لأنه لا يستطيع ذلك، فضلا " عن أنه لن يكون موجودا " معهم. ولأن الأحداث لم تقع، كان عسيرا " على الناس أن يستوعبوا تحذيرات الرسول. وعلى أي حال، لقد بين الرسول أن نجاح المتآمرون سيكون بمثابة طوفان حقيقي يجتاح المجتمع