القائمة عليه، ومن نفور الشيع من فكرة الجزم واليقين التي تنادي بها قيادة الشيعة المؤمنة، وارتياحها لفكرة الظن والتخمين المنبع الوحيد لتصوراتها وعقائدها.
ويمكن القول، وبكل ارتياح، إن ظاهرة الشيع وتعددها تعطي معنى ظاهرة الحزبية لتشابه التركيبة والأهداف والبنى. وقد لا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن التاريخ السياسي البشري ما هو إلا ثمرة الصراع بين الشيع، وكل الشيع تطمع في الاستيلاء على السلطة وحيازتها لهم هذا الصراع لصالحها، ولم ينته هذا الصراع طوال التاريخ ولم يبرح المجتمع مكانه، فكأنه يدور في حلقة مفرغة لا تشهد إلا نشوء الشيع وقيامها وتبعثرها وتعاقبها على السلطة. وإصرارها على استبعاد الشيعة المؤمنة التي تمثل الخط الإلهي، والتي لم يخل منها مجتمع قط عبر التاريخ بغض النظر عن القلة والكثرة.
الشيع في المجتمع الإسلامي نشأ المجتمع الإسلامي وأخذ صورته النهائية عندما نجح الرسول في توحيد العرب سياسيا " لأول مرة في التاريخ، ونقلهم من دوائر الشرك وأديانه إلى دائرة التوحيد ودينها الإسلام، وقيادتهم.
والمجتمع الإسلامي لم يكن أبدا " بمنجاة من ظاهرة الشيع وإن كان جميع أفراد المجتمع الإسلامي قد ادعوا أنهم شيعة الرسول فإن الواقع يتناقض مع شمول هذا الادعاء.
لقد واجه الرسول مجتمعا " جاهليا " يتكون من عدد لا حصر له من الشيع أو الجماعات. ففي مكة، على سبيل المثال، كانت تسكن عدة قبائل، منها قبيلة قريش الكبيرة، وكانت قريش تتكون من 25 بطنا "، وكل بطن من هذه البطون يشكل شيعة حقيقة متميزة عن غيرها. وعملا " بالنهج التاريخي لشيع المجتمعات البشرية فقد تحالفت شيع بطون قريش ال 23 ووقفت وقفة رجل واحد ضد النبي وضد البطنين الهاشمي والمطلبي اللذان اختارا بأن يكونا شيعة للنبي. ووقفت مع شيع قريش الأكثرية الساحقة من شيع العرب طوال الثلاث عشرة سنة التي أمضاها النبي في مكة قبل الهجرة. وبعد الهجرة جيشت شيع البطون الجيوش، بمساعدة شيع