المعنى; لا يبقى لدينا أدنى شك في أن كلمة شيعة تعني، لغة واصطلاحا "، فرقة أو جماعة من الناس متجانسة ومتميزة عن غيرها من الفرق والجماعات، بأساليبها ورأيها وفكرها الخاص بها الذي تسعى إلى تعميمه، وبهدفها الذي تسعى إلى تحقيقه. وتلتف، بالضرورة حول، قائد مميز بفكره أو برأيه أو بقدرته أو بموقعه أو بما يرتجى منه حسب مقاييس أفراد تلك الفرقة أو الجماعة، وقائد هذه الجماعة مع فكرها يشكلان نقطة جذب واستقطاب وتجمع، ومن الطبيعي أن يتناصر أفراد هذه الجماعة وأن يوالي بعضهم بعضا "، ويتبع بعضهم بعضا " وأن يكون لهم موقف موحد وأمر واحد ما دامت هذه الفرقة أو الجماعة قائمة. والفرقة التي تتصف بهذه الصفات تعرف باسم (شيعة)، ويسمى التفافها حول فكرها وقيادتها وموالاتها لهما التفاف أفراد هذه الشيعة التشيع لغة واصطلاحا ". وسنرى كيف استقر معنى كلمة (شيعة) ليدل على فئة أو جماعة أو فرقة أو شيعة معينة من دون غيرها من الفرق أو الجماعات أو الشيع، وهي شيعة أهل النبوة.
ظاهرة الشيع وتعددها في كل مجتمع نشوء الشيع (جمع شيعة)، أي الفرق أو الجماعات أو الأحزاب، وتعددها ظاهرة بشرية عامة وشاملة لم يخل منها مجتمع بشري قط، قديما " وحديثا ". وقد تزامن قيام الشيع وتعددها مع نشوء ظاهرة السلطة بمعناها الواسع وقيامها، فوجدت الظاهرتان معا "، وصارتا من الصفات المميزة لأي مجتمع بشري. والسبب في ذلك أن الوصول إلى السلطة عزيرة المنال، ويستحيل إدراكها بالجهد الفردي، ولا يمكن أن تنال إلا عن طريق الغلبة والتغلب، سواء بالقهر والقوة (نحن مع من غلب) أو عن طريق الانتخاب. وتظهر الشيع بوصفها وسائل رئيسية موثرة لتحقيق الغلبة والتغلب بشقيها آنفي الذكر. أما تعدد الشيع فيعود إلى تضارب مصالح الأفراد والجماعات، واختلاف الآراء والأفكار والوسائل والتفاوت في الثقافات واليقين، وما في النفس من نوازع الحسد والرغبة بالتسلط، وممارسة الشر، ومن تقديم العاجلة على الآجلة، ومن الإصرار على تجاهل الأمر الإلهي، وإرغام أنف الشيعة المؤمنة