ومع عزوف أهل بيت النبوة عن العمل السياسي المعلن ويأسهم من استقامة مبكرة للأمة، خفت قبضة دولة البطون وتراخت حملاتها. وانطلق علماء شيعة الخلفاء في هذا المناخ يستنبطون الأحكام الشرعية بالوسائل التي اخترعوها من دون حساسية مسبقة، ولشد ما ذهلوا عندما توصلت فرقهم أو بعض هذه الفرق إلى النتائج نفسها التي توصلت إليها شيعة أهل بيت النبوة! ومثال على ذلك:
1 - قالت الشافعية والحنابلة: (والشيعة الإمامية): من قدر على الاكتساب لا تحل له الزكاة، وقالت الحنفية، والمالكية: بل تحل له وتدفع!
2 - وفي المبيت بالمزدلفة، في أثناء أداء فريضة الحج، قالت الشيعة الإمامية وقال، المالكية: لا يجب المبيت ولكنه الأفضل. بينما قال الحنفية والشافعية والحنابلة بوجوب المبيت ومن تركه فعليه دم (ذبيحة)!
3 - وفي رمي الجمار (من مناسك الحج) قالت المالكية والحنفية والحنابلة والشيعة الإمامية: لا يجوز رمي الجمار قبل الفجر فإذا رماها من عذر وجب عليه إعادة الرمي. بينما رأت الشافعية أنه لا حرج من التقديم!
4 - وفي صلاة الجماعة، قالت الحنابلة إنها واجبة وجوبا " عينيا " على كل فرد مع القدرة، ولكن إذا تركها وصلى منفردا " أثم وصحت صلاته. بينما قالت الشيعة الإمامية والحنفية والمالكية وأكثر الشافعية: لا تجب عينا " ولا كفاية، وإنما تستحب استحبابا " مؤكدا "!
فأنت ترى أن الشافعية والحنابلة في المثال الأول، والمالكية في المثال الثاني، والمالكية والحنفية والحنابلة في المثال الثالث والحنفية والمالكية وأكثر الشافعية في المثال الرابع قد التقوا مع الشيعة وتبنوا الحكم نفسه التي تبنته شيعة أهل بيت النبوة، فقد اتفقوا على الحكم الشرعي في تلك المسائل، وائتلفوا بالرغم من الخلاف! ربما لأنها ليست مسائل سياسية! أو لأن دولة البطون تراخت قبضتها ورغبتها في إرغام أنوف أهل البيت وشيعتهم! وربما دولة البطون لا تدري عن ذلك شيئا "، أو لا تشعر بأهميته. وربما لأن فرق شيع الخلفاء التي التقت بالنتيجة الفقهية