وكما ذكرت في مستهل الكتاب فإنني سوف لن أتطرق إلا إلى بعض الأمثلة بغية الاختصار، وعلى من يريد البحث والاستزادة أن يغوص في أعماق البحر لاستخراج ما يمكنه من الحقائق الكامنة والجواهر المخفية!
يتفق أهل السنة مع الشيعة في القول بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين للمسلمين كل أحكام القرآن وفسر كل آياته، ولكنهم اختلفوا فيمن ينبغي الرجوع إليه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بغية التعرف إلى ذلك البيان والتفسير، فذهب أهل السنة إلى الاعتماد على الصحابة - دون تمييز - ومن بعدهم الأئمة الأربعة وعلماء الأمة الإسلامية، أما الشيعة فقالوا: أن الأئمة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم المؤهلون لذلك وصفوة من الصحابة المنتجبين، فأهل البيت (عليهم السلام) هم أهل الذكر الذين أمرنا الله تعالى بالرجوع إليهم في قوله عز وجل: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * (1) وهم الذين اصطفاهم الله تعالى وأورثهم علم الكتاب في قوله عز وجل: * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) * (2)، ولكل ذلك جعلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدل القرآن والثقل الثاني الذي أمر المسلمين بالتمسك به فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
" تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " (3).
وفي لفظ مسلم كتاب الله أهل بيتي - أذكركم الله في أهل بيتي قالها ثلاث مرات (4).