ومن المعلوم أن أهل البيت (عليهم السلام) كانوا أعلم الناس وأورعهم وأتقاهم وأفضلهم، وقد قال فيهم الفرزدق:
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم وأسوق هنا مثالا واحدا للتذكير بطبيعة الرابطة بين أهل البيت (عليهم السلام) والقرآن الكريم، فقد قال تعالى: * (فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون) * (1) فهذه الآيات تشير بدون لبس إلى أن أهل البيت (عليهم السلام) - وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - هم الذين يدركون معاني القرآني الغامضة، لأنا لو أمعنا النظر في القسم الذي أقسم به رب العزة والجلالة لوجدنا ما يلي: إذا كان الله تعالى يقسم بالعصر وبالقلم وبالتين وبالزيتون فعظمة القسم بمواقع النجوم بينة لما تنطوي عليه من أسرار وتأثير على الكون بأمره سبحانه، ونلاحظ تعزيز القسم في صيغة النفي والإثبات، فبعد القسم يؤكد سبحانه: أنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون، والمكنون ما كان باطنا ومستترا، ثم يقول عز وجل: * (لا يمسه إلا المطهرون) *، و (لا) هنا للنفي، ويمسه تعني يدركه ويفهمه وليس المقصود بها لمس اليد، فهناك فرق بين اللمس والمس. قال تعالى: * (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) * (2)، وقال أيضا عز من قائل: * (والذي يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) * (3)، فالمس هنا يتعلق بالعقل والإدراك لا بلمس اليد، وكيف يقسم الله سبحانه وتعالى بأن لا يلمس القرآن (باليد) إلا من تطهر، والتاريخ يحدثنا بأن بعض الجبارين قد عبثوا به ومزقوه، وقد شاهدنا الإسرائيليين يدوسونه بأقدامهم - نستجير بالله - ويحرفونه عندما