عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه هم دعائم الإسلام، وولائج الاعتصام، بهم عاد الحق إلى نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية. فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل " (1).
نعم، صدق الإمام علي فيما بينه فهو باب مدينة العلم، فهناك فرق كبير بين من عقل الدين عقل وعاية ورعاية وبين من عقله عقل سماع ورواية.
والذين يسمعون ويروون كثيرون، فكم كان عدد الصحابة الذين يجالسون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويسمعون منه الأحاديث وينقلونها بغير فهم أو علم فيتغير معنى الحديث وقد يؤدي إلى العكس الذي قصده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد يؤدي بعض الأحيان لصعوبة إدراك الصحابي للمعنى الحقيقي (1).
أما الذين يعون العلم ويرعونه فقليلون جدا وقد يفني الإنسان عمره في طلب العلم ولا يحصل منه إلا على اليسير، وقد يتخصص في باب من أبواب العلم أو فن من فنونه ولا يمكنه أن يحيط بكل أبوابه، ولكن المعروف أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كانوا ملمين وعارفين بشتى العلوم، وهذا ما أثبته الإمام علي كما يشهد المؤرخون وكذلك محمد الباقر وجعفر الصادق الذي تتلمذ على يديه آلاف الشيوخ في شتى العلوم والمعارف من فلسفة وطب وكيميا وعلوم طبيعية وغيرها.