والفضة التي حرمها الإسلام، وشعرت بحرج في الدخول إليها، غير أنني - مراعاة لعواطف صديقي - اتبعته من غير اختيار.
دخلنا من الباب الأول وبدأت ألاحظ تمسح الشيوخ بالأبواب وتقبيلها، وسليت نفسي بقراءة لوحة كبيرة كتب عليها (ممنوع دخول النساء السافرات) مع حديث للإمام علي يقول فيه: (يأتي على الناس زمان تخرج فيه النساء كاسيات عاريات.. إلى آخره)، وصلنا إلى المقام وبينما كان صديقي يقرأ إذن الدخول كنت أنظر إلى الباب وأعجب من هذا الذهب والنقوش التي تملأ صفحاته وكلها آيات قرآنية.
دخل صديقي ودخلت خلفه وأنا على حذر تجول بخاطري عدة أساطير قرأتها في بعض الكتب التي تكفر الشيعة ورأيت داخل المقام نقوشا وزخرفة لم تخطر على بالي ودهشت لما رأيت وتصورت نفسي في عالم غير مألوف ولا معروف، ومن حين إلى آخر أنظر باشمئزاز إلى هؤلاء الذين يطوفون حول الضريح باكين مقبلين أركانه وقضبانه بينما يصلي البعض الآخر قرب الضريح، واستحضرت في خاطري حديث الرسول صلى الله عليه وآله وهو يقول: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أوليائهم مساجد).
وابتعدت عن صديقي الذي ما أن دخل حتى أجهش بالبكاء ثم تركته يصلي واقتربت من اللوحة المكتوبة للزيارة وهي معلقة على الضريح.
وقرأتها ولم أفهم الكثير منها بما حوته من أسماء غريبة عني أجهلها، ابتعدت في زاوية وقرأت الفاتحة ترحما على صاحب الضريح قائلا: " اللهم إن كان هذا الميت من المسلمين فارحمه فأنت أعلم به مني).
واقترب مني صديقي وهمس في أذني قائلا: إن كانت لديك حاجة فاسأل الله في هذا المكان لأننا نسميه باب الحوائج وما أعطيت أهمية لقوله سامحني الله، بل كنت أنظر إلى الشيوخ الطاعنين في السن وعلى رؤوسهم عمائم بيض وسود وفي جباههم آثار السجود، وزاد في هيبتهم تلك اللحى التي أعفوها وتنطلق منها روائح طيبة ولهم نظرات حادة مهيبة.