كنا نتحدث ونمشي ونتوقف من حيث لآخر حتى وصلنا إلى منتدى علمي يجلس فيه الطلبة والأساتذة ويتبادلون الآراء والنظريات، هناك جلسنا وكان يبحث بعينيه في الجالسين وكأنه على موعد مع أحدهم; جاء أحد الوافدين وسلم علينا وفهمت أنه زميله في الجامعة وسأله عن شخص علمت من الأجوبة أنه دكتور وسيأتي عما قريب، في الأثناء قال لي صديقي: أنا جئت بك إلى هذا المكان قاصدا أن أعرفك بالدكتور المتخصص في الأبحاث التاريخية وهو أستاذ التاريخ في جامعة بغداد وقد حصل على الدكتوراه في أطروحته التي كتبها عن عبد القادر الجيلاني وسوف ينفعك بحول الله، لأنني لست مختصا في التاريخ.
شربنا بعض العصير البارد حتى وصل الدكتور ونهض إليه صديقي مسلما عليه وقدمني إليه وطلب منه أن يقدم إلي لمحة عن تاريخ عبد القادر الجيلاني، واستأذننا في الانصراف لبعض شؤونه.
طلب لي الدكتور مشروبا باردا وبدأ يسألني عن اسمي وبلادي ومهنتي كما طلب مني أن أحدثه عن شهرة عبد القادر الجيلاني في تونس.
ورويت له الكثير في هذا المجال حتى قلت والناس عندنا يعتقدون بأن الشيخ عبد القادر كان يحمل رسول الله على رقبته ليلة المعراج عندما تأخر جبريل خوفا من الاحتراق وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قدمي على رقبتك وقدمك على رقاب كل الأولياء إلى يوم القيامة.
وضحك الدكتور كثيرا عند سماعه كلامي وما دريت أكان ضحكه على هذه الروايات أم كان على الأستاذ التونسي الذي بين يديه! بعد مناقشة قصيرة حول الأولياء والصالحين قال أنه بحث طوال سبع سنين سافر خلالها إلى لاهور في الباكستان وإلى تركيا وإلى مصر وبريطانيا وكل الأماكن التي بها مخطوطات تنسب إلى عبد القادر الجيلاني واطلع عليها وصورها، وليس فيها أي إثبات بأن عبد القادر الجيلاني هو من سلالة الرسول، وغاية ما هنالك بيت من الشعر ينسب إلى أحد أحفاده يقول فيه: " وجدي رسول الله " وقد يحمل ذلك كما قال بعض العلماء، على تأويل حديث النبي صلى الله عليه وآله: (أنا جد كل تقي) وزادني بأن