وإذا أخذنا حديث (لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا).
فهو كسابقه، إذ أين كان أبو بكر يوم المؤاخاة الصغرى في مكة قبل الهجرة ويوم المؤاخاة الكبرى في المدينة بعد الهجرة وفي كلتيهما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عليا أخا له وقال له: (أنت أخي في الدنيا والآخرة) (1) ولم يلتفت إلى أبي بكر فحرمه من مؤاخاة الآخرة كما حرمه من الخلة، وأنا لا أريد الإطالة في هذا الموضوع وأكتفي بهذين المثلين اللذين أوردتهما من كتب أهل السنة والجماعة، أما عند الشيعة فلا يعترفون بتلك الأحاديث مطلقا ولديهم الأدلة الواضحة على أنها وضعت في زمن متأخر عن زمن أبي بكر.
هذا وإذا تركنا الفضائل وبحثنا في المساوئ فإننا لا نحصي لعلي بن أبي طالب سيئة واحدة من كتب الفريقين، بينما نجد لغيره مساوئ كثيرة في كتب أهل السنة كالصحاح وكتب السير والتاريخ.
وبهذا يكون الاجماع من الفريقين يختص بعلي وحده كما يؤكد التاريخ أن البيعة الصحيحة لم تكن إلا لعلي وحده.
فقد امتنع هو وأصر عليها المهاجرون والأنصار وقعد عن بيعته نفر فلم يجبرهم عليها، بينما كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها - كما يقول عمر بن الخطاب - وكانت خلافة عمر بعهد عهده إليه أبو بكر وكانت خلافة عثمان مهزلة تاريخية، ذلك أن عمر رشح ستة للخلافة وألزمهم أن يختاروا من بينهم واحدا وقال إذا اتفق أربعة وخالف اثنان فاقتلوهما وإذا انقسم الستة إلى فريقين ثلاثة في كل جهة فخذوا برأي الثلاثة الذين يقف معهم عبد الرحمن بن عوف، وإذا مضى وقت ولم يتفق الستة فاقتلوهم، والقصة طويلة وعجيبة، والمهم أن عبد الرحمن بن عوف اختار عليا واشترط عليه أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين أبي بكر وعمر فرفض علي هذا الشرط، وقبله عثمان فكان