شهداء أحد وقال له إني لا أدري ماذا تحدث من بعدي حتى بكى أبو بكر (1)، وما كان ليرسل خلفه علي بن أبي طالب ليأخذ منه سورة براءة فيمنعه من تبليغها (2)، وما كان قال يوم إعطاء الراية في خيبر: لأعطين رايتي غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا ليس فرارا امتحن الله قلبه بالإيمان; فأعطاها إلى علي ولم يعطها إليه (3).
ولو علم الله أن أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان وأن إيمانه يفوق إيمان أمة محمد بأسرها فلم يكن الله سبحانه ليهدده بإحباط عمله عندما رفع صوته فوق صوت النبي (4). ولو علم علي بن أبي طالب والصحابة الذين اتبعوه أن أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان ما جاز لهم أن يتخلفوا عن بيعته ولو علمت فاطمة الزهراء سيدة النساء أن أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان ما كانت لتغضب عليه وتمتنع عن الكلام معه وعن رد السلام عليه وتدعو الله عليه في كل صلاة (5)، ثم لا تأذن له - حسب ما ورد في وصيتها - حتى بحضور جنازتها.
ولو علم أبو بكر أنه على هذه الدرجة من الإيمان ما كان ليتمنى عند احتضاره أنه لو لم يكن يكشف بيت فاطمة (ع).
وأنه لو لم يكن أحرق الفجاءة السلمي، ولكان يوم السقيفة قذف الأمر في عنق أحد الرجلين عمر أو أبي عبيدة (6).
فالذي هو على هذه الدرجة من الإيمان ويرجح إيمانه على إيمان كل الأمة لا يندم في آخر لحظات حياته على ما فعله مع فاطمة وعلى حرقه الفجاءة السلمي وعلى توليه الخلافة، كما لا يتمنى أن لا يكون من البشر ويكون شعرة أو بعرة، أفيعادل إيمان مثل هذا الشخص إيمان الأمة الإسلامية بل يرجح عليها؟!.