وشاكرين المعلم الذي علمني ومهنئين والدي والكل يحمد الله على نعمة الإسلام " وبركات الشيخ ".
وعشت أياما سوف لن تمحى من مخيلتي لما لقيته بعد ذلك الحدث من إعجاب وشهرة تعدت حارتنا إلى كل المدينة وطبعت تلك الليالي الرمضانية في حياتي طابعا دينيا بقيت آثاره حتى اليوم، ذلك أني كلما اختلطت علي السبل أحسست بقوة خارقة تشدني وترجعني إلى الجادة، وكلما شعرت بضعف الشخصية وتفاهة الحياة رفعتني تلك الذكريات إلى أعلى الدرجات الروحية، وأوقدت في ضميري شعلة الإيمان لتحمل المسؤولية.
وكأن تلك المسؤولية التي حملنيها والدي أو بالأحرى مؤدبي لإمامة الجماعة في تلك السن المبكرة جعلتني أشعر دائما بأنني مقصر عن أن أكون في المستوى الذي أطمح إليه أو على الأقل المستوى الذي طلب مني.
لذلك قضيت طفولتي وشبابي في استقامة نسبية لا تخلو من لهو وعبث يسودهما في معظم الأحيان البراءة وحب الاطلاع والتقليد، تحوطني العناية الإلهية لأكون متميزا من بين أخوتي بالرصانة والهدوء وعدم الانزلاق في المعاصي والموبقات.
ولا يفوتني أن أذكر أن والدتي رحمها الله كان لها الأثر الكبير في حياتي، فقد فتحت عيني وهي تعلمني قصار السور من القرآن الكريم كما تعلمني الصلاة والطهارة وقد اعتنت بي عناية فائقة لأني ابنها الأول، وهي ترى إلى جانبها في نفس البيت ضرتها التي سبقتها منذ سنوات عديدة ولها من الأولاد من يقارب سنها، فكانت تتسلى بتربيتي وتعليمي وكأنها تتبارى في سباق مع ضرتها وأبناء زوجها.
كما أن اسم التيجاني الذي سمتني به والدتي له ميزة خاصة لدى عائلة السماوي كلها التي اعتنقت الطريقة التيجانية وتبنتها منذ أن زار أحد أبناء الشيخ سيدي أحمد التيجاني مدينة قفصة قادما من الجزائر ونزل في دار السماوي فاعتنق كثير من أهالي المدينة خصوصا العائلات العلمية والثرية هذه الطريقة الصوفية