لموسى (ع).
أما السامري كما ورد في التفاسير ومجمل الكتب التي أوردت قصص الأنبياء فإنه ربيب جبرائيل تعهده منذ الصغر حينما كان فرعون يقتل كل ذكر يولد في بني إسرائيل، ويوم نزل جبرائيل (ع) حتى يأخذ موسى إلى الميقات أخذ السامري قبضة من أثره وألقى به في جسد العجل المصنوع من الحلي فأصبح له خوار. وما يهمنا من القصة أن السامري كان من أصحاب موسى (ع) وكما هو واضح بلغ مرتبة عظمي حتى قال (بصرت بما لم يبصروا به) وكان له من العلم ما لم يكن لغيره وحظي بمشاهدة جبرئيل واستطاع بكل ذلك أن يضل بني إسرائيل الذين اتبعوه باعتبار أنه ذو مكانة... فسولت له نفسه الأمارة بالسوء فكان عمله الباطل الذي أضل به القوم...
السؤال الآن، هل يمكن أن نجد في تاريخ الأمة الإسلامية وواقعها بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مصداقا لمثل هذا الانحراف؟ مع علمنا التام بأنه لا يوجد أحد من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحلم برؤية جبرئيل على حقيقته ومعرفته وامتلاك بعض الأسرار الإلهية المكنونة في أثره... صحيح أن جبرئيل كان يأتي للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في صورة رجل يسأله عن أمور الدين ولكن ما كان الصحابة يعرفونه إلا بعد مغادرته وبيان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فأين كان السامري وأين هم الصحابة؟.
وعند البحث في جذور انحراف الأمة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سترى مدى تطابق الأحداث التاريخية مع القصص القرآنية خصوصا قصة بني إسرائيل.
وفي ختام هذا الفصل (أعرض عليك عزيزي القارئ سببين رئيسيين يذكرهما القرآن لأنهما يمنعان الإنسان من الاهتداء إلى الحق، أو الالتزام به بعد معرفته، وهذان السببان يعترضان أي إنسان في أي مكان وأي زمان.